ــ ـ[عمود:١]ـ في باريس وهذا نص البرقية: الجزائر ٢٦ جوان ١٩٣٣ الجمعية العمومية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين المنعقدة في اجتماعها السنوي العام بنادي الترقي بالعاصمة الجزائر - تكرر إعلانها بارتباطها بالجمهورية الفرنسية والتزامها للعمل التهذيبي الإصلاحي حسب قانونها الأساسي في دائرة قوانين الجمهورية. ثم تحتج بكل قواها على منشور بريفي الجزائر المؤرخ ١٦ فيفري ١٩٣٣ الذي رماها فيه بوصمات منافية لدينها ومبادئها وهي منها بريئة. وتحتج على قراره المؤرخ بـ ١٨ فيفري ١٩٣٣ القاضي بمنع العلماء غير الموظفين من القيام بالتعليم الديني في المساجد. وتحتج على أمره المؤرخ بـ ٢٧ فيفري ١٩٣٣ القاضي بحل الجمعية الدينية بالجزائر. وتقدم شكواها بهذا كله الذي هو مس لكرامة الجمعية وتدخل في أمور دينية بحتة بالحل والتحجير إلى الرأي العام الفرنسي ورجال الدولة العظام، مستثيرة عطف فرنسا ومستجيرة بمبادئها الجمهورية العالية واثقة بها، هاتفة باسمها بكل تعظيم واحترام. ـ[عن الجمعية الرئيس عبد الحميد بن باديس]ـ
وطلب الأستاذ الرئيس من السادة المجتمعين أن يقولوا كلمتهم في هذه البرقية فوافقوا عليها بالإجماع، وانتهت الجلسة على الساعة الثانية عشرة، واستأنفت على الساعة الثانية مساء، وحضرت اللجنة المعهود إليها بتقييد أسماء الأعضاء العاملين والمؤيدين وبإعطائهم أوراق العضوية فباشرت عملها من فورها، واستمرت فيه
ـ[عمود:٢]ـ إلى الساعة السادسة مساء حينما شرع الأستاذ رئيس الجمعية يلقي درسا في تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} إلى نهاية قوله تعالى: {مَنْ يَشْرِي نَفْسَه ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَهِ وَاللَه رَءوفٌ بِالْعِبَادِ}. فكان الأستاذ كما قال الأول: عجبا لكم آتيتكم ببدائع ... ويقاس بي من لا يشق غباري وقال الأستاذ العقبي: أنه ما ينبغي لأحد أن يتكلم بعد هذا الدرس النافع المفيد. وعلى الساعة التاسعة من صباح الثلاثاء أخذ أعضاء المجلس الإداري مجالسهم كالعادة على المنصة التي نصبت لهم في المدرجة الكبرى من النادي، وأذن الرئيس للأستاذ العقبي فقرأ بالتجويد آيات من الذكر الحكيم افتتح بها الجلسة ثم أذن الرئيس للأستاذ الميلي أمين مال الجمعية فقام فعرض الحالة المالية لجمعية العلماء عرضا دقيقا فإذا هي قد تقدمت تقدما محسوسا بالنظر إلى الأزمة الخانقة وإلى الظروف الحرجة التي حاقت بالجمعية وبرجالها، وألقى خطابا بليغا فيه ملح وطرائف وفيه موعظة وذكرى. وقام الأستاذ العمودي الكاتب العام فقرأ قائمة أخرى طويلة بأسماء الذين تخلفوا عن هذا الاجتماع لأعذار مقبولة، واعتذروا عن ذلك بالرسائل والبرقيات، فكان عدد هؤلاء المعتذرين أيضا عددا كثيرا يربوا على عدد الذين تليت أسماؤهم في الجلسة الأول. ثم قال الرئيس: إن مهمة المجلس الإداري القديم قد انتهت الآن. وطلب إلى الجمعية العمومية أن تنتخب من بينها لجنة تشرف على عملية الانتخاب، فكانت هذه اللجنة هكذا: الشيخ مصطفى بوالصوف رئيسا، والشيخ مصطفى بن حلوش والشيخ محمد الهادي البوعبدلي والشيخ الشريف
ـ[عمود:٣]ـ الصائغي والسيد أحمد بن عبد المالك الأغواطي كتابا، والشيخ الطاهر الحركاتي والشيخ عبد الرحمان ابن بيبي عضوين. وشرعت هذه اللجنة في عملها في الوقت المسمى. ولما تمت عملية الانتخاب كانت الأصوات الصحيحة مائه وتسعين بعد ما طرح ثلاثة وعشرون صوتا من مجموع الأصوات، وخسرت أنا منها أربعة أصوات وخسر الميلي صوتين اثنين، وخسر خير الدين ستة أصوات وخسر أبو اليقظان ثمانية، وخسر كل من العمودي والحلوي وبن حمودي وعلي الخيار وبن زيان صوتا واحدا، وفاز ابن باديس والعقبي والإبراهيمي والتبسي بالإجماع ولم يخسروا من الأصوات شيئا، وتشكل المجلس الإداري القديم في عدد وأكثرية أعضائه على الشكل القديم وبقي ما كان على ما كان. وعلى الساعة السادسة من مساء يوم الثلاثاء جلس المجلس الإداري الجديد على المنصة، وقام رئيس الجمعية الأستاذ ابن باديس فخطب خطابا بليغا كان أثره في نفوس السامعين أثرا عميقا، وشكر هذه الأمة الكريمة التي وضعت ثقتها للمرة الثالثة في هيئة إدارة جمعية العلماء وشرح للحاضرين بعض ما يحف بالجمعية من الظروف الحرجة والأخطار الداهمة وأخبرهم أن المجلس الإداري قد صبر وصابر واحتمل ما احتمل حتى كان مثالا نادرا في الصبر والاحتمال وقال لهم أن هذا المجلس نفسه لا يزال مستعدا لاحتمال كل ما قد يصيبه في الاحتفاظ بالجمعية وتنفيذ قانونها الأساسي من نصب وبلاء ثم قال: وأنتم أيها الإخوان لقد استجبتم داعي الله عندما دعيتم إلى حضور هذا الاجتماع فهل أنتم مستجيبون لنا كلما دعوناكم إلى ما تدعو إليه الجمعية من خير وما تحتاج إليه من موازرة وهل تعاهد المجلس الإداري كما عاهدكم على الاحتفاظ بالجمعية وتنفيذ قانونها الأساسي ونشر دعوتها الخيرية التهذيبية الإصلاحية وأنكم تكونون معها في الشدة والرخاء في نطاق الحق والقانون، فقالوا كلهم نعم ومدوا أيديهم يعاهدون المجلس على أن يكونوا مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يعاونونها على