للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يقول: (. . . أما القرمطية فكانت نواة لمجتمع مغاير، ومفهومات منايرة. . . كانت القرمطية محاولة أولى في المجتمع العربي للوحدة بين العقل والوجود، تبعًا للوحدة بين النظرية والممارسة أو محاولة أولى لإقامة الاشتراكية بديلًا عن الثيوقراطية. . . والقرمطية، على الصعيد الإنساني، شكل من عودة الإنسان إلى ذاته كإنسان اجتماعي مقابل الإنسان القبلي أو العنصري. . . .

والخلاصة أن الحركة الثورية، ممثلة على الأخص بثورة الزنج والثورة القرمطية كانت محاولة لإلغاء الضياع، من حيث أنها ألغت الملكية الخاصة، وتجاوز القبلية والعنصرية إلى الإنسان كإنسان، كوجود اجتماعي، أنها ليس محاولة لتجاوز الضياع على مستوى الوعي وحسب، وإتما هي أيضًا محاولة لتجاوز الضياع على مستوى الواقع) (١).

وهكذا يتبدى لنا أدونيس في مسوحه الحقيقي: باطني متعصب للباطنية تاريخًا وعقيدة وممارسة، خاصة إذا قارنا هذه الأقوال المدائحية الابتهاجية بهذه الحركات الباطنية، في مقابل ذمه وتشنيعه وهجائه للأمة المسلمة عقيدة وشريعة وتاريخًا وحضارة وممارسة، وإطلاق ألفاظ التنفير، من أمثال: نخل وبقل، تتلمذ كامل، معرفة جامدة، ثقافة سائدة، تراكم معرفي، خلط بين اللسان والكلام، اتجاه نحو الماضي في رفض للمستقبل، تمجيد الحياة والفكر إلى آخر القائمة الهجائية (٢).

وفي مقابل إشادته بالملاحدة والشكيين والباطنيين، نجد ذمه وتنقصه للمؤمنين الموحدين.

فهو يمتدح ابن الراوندي ويذكر أقواله المحاربة للقرآن والنبوة شارحًا لها (٣)، ثم ينتقل إلى جابر ابن حيان فيقول: (إن لشخصية جابر بن حيان


(١) المصدر السابق ٢/ ٧٠.
(٢) انظر: الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ١٤٨ - ١٥٠، ١٥١ - ١٥٣، ١٥٤ وكل كتابه من هذا القبيل.
(٣) انظر: المصدر السابق ٢ - تأصيل الأصول: ص ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>