للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بجميعها، وقد أمكن الجمع على ما ذكرناه، فوجب المصير إليه، وفرَّقوا بين الصحراء والبنيان من حيث المعنى، بأنه يلحقه المشقة في البنيان في تكليفه ترك القبلة بخلاف الصحراء. وأما من أباح الاستدبار، فيحتج على ردّ مذهبه بالأحاديث الصحيحة المصرحة بالنهي عن الاستقبال والاستدبار جميعًا، كحديث أبي أيوب وغيره، والله أعلم".
* "المجموع" (٢/ ٨١ - ٨٣)، وكلامه مفصّل في المسألة، وترجيحه فيه ظاهر، وهذا الذي اعتمده في التقرير، كما تراه في "المنهاج" (١/ ٩٠ - ط البشائر)، و"التنقيح" (١/ ٩٥) و"التحقيق" (٨٥)، و"الروضة" (١/ ٦٥).
وممن نحى هذا المنحى جمع من المحققين، على رأسهم ابن المنذر، قال في "الأوسط" (١/ ٣٢٨):
"وأصحُّ هذه المذاهب مذهب من فرَّق بين الصحاري والمنازل في هذا الباب، وذلك أن يكون ظاهر نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - على العموم إلا ما خصته السنة، فيكون ما خصته السنة مستثنى من جملة النَّهي، وإنما تكون الأخبار متضادة إذا جاءت جملة فيها ذكر النهي يقابل جملة ما فيها ذكر الإباحة، فلا يمكن استعمال شيء منها إلا بطرح ما ضادها، وسبيل هذا كسبيل نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر بالثمر جملة، ثم رخص في بيع العرايا بخرصها، فبيع العرية مستثنى من جملة نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر بالثمر، وكذلك نهيه عن بيع ما ليس عند المرء، وإِذنه في السلم.
وهذا الوجه موجود في كثير من السنن والله أعلم، فلما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن استقبال القبلة بالغائط والبول نهيًا عامًا، واستقبل بيت المقدس مستدبرًا الكعبة، كان إباحة ذلك في المنازل، مخصوص من جملة النهي".
والذي رجَّحه ابن القيام في هذه المسألة عدم جواز استقبال القبلة أو استدبارها، سواء في الصحراء أم في غيرها من البنيان، لعموم أدلة النهي، وما ورد من جواز في حديث جابر - رضي الله عنه - وغيره فللعلماء عليه أجوبة، منها:
* أنَّ هذه الأحاديث ليس فيها إلا مجرد الفعل، وهو لا يعارض القول الخاص بالأمة. =

<<  <   >  >>