للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عنها بجواب صحيح-؛ فإنه يمكن أن يُجمع بين الروايات ويجاب عن بعضها بطريق أصولي، وُينسب إلى التصحيح، ولكن تركته -يعني: "في الإلمام"-؛ لأنه لم يثبت عندنا الآن بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعًا تعيين مقدار القلتين".
والجواب عما اعتذرا به: "أن المراد قلتين بقلال هجر؛ كما رواه الإمام الشافعي في "الأم"، و"المختصر" ... ".
قلت: وسيأتي التنبيه عليه.
وفهم بعضهم هذا الحديث بلفظة: "لا يحمل الخبث"؛ أي: يضعُف عن حمله، فعاد الاستدلال بالحديث كأنه هباء أو ماء، وهذا خطأ فاحش من أوجه -وإن قال عنه ابن عبد البر: "محتمل التأويل"-:
أحدها: أن الرواية الأخرى مصرحة بغلطه، وهي قوله: "لم ينجس".
الثاني: أن الضعف عن الحمل إنما يكون في الأجسام، كقولك: "فلان لا يحمل الخشبة"، أي: يعجز عنها لثقلها.
وأما المعاني؛ فمعناه: لا يقبله، ومعنى الحديث الصحيح: "لا يقبل النجاسة، بل يدفعها عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحمل الضيم؛ أي: لا يقبله ولا يصبر عليه، بل يأباه".
ثالثها: أن سياق الكلام يفسده؛ لأنه لو كان المراد أنه يضعف عن حمله؛ لم يكن للتقييد بالقلتين معنى، فإن ما دونها أولى بذلك.
فإن قيل: هذا الحديث متروك الظاهر بالإجماع في المتغير بنجاسة؟
فالجواب: أنه عام، خص منه المتغير بالنجاسة؛ فيبقى الباقي على عمومه، كما هو الصحيح عند الأصوليين.
فإن قيل: هذا الحديث يحمل على الجاري؟
فالجواب: أن الحديث يتناول الجاري والراكد؛ فلا يصح تخصيصه بلا دليل، قاله ابن الملقن في "البدر المنير" (٢/ ١١٣)، والنووي في "المجموع" (١/ ١١٥)، والمنذري في "مختصر سنن أبي داود" (١/ ٥٧).
وسيأتي كلام بديع للمصنف فيه ردٌّ على هذا الاعتراض. =

<<  <   >  >>