(١) انظر: "البداية" (١/ ١٨)، "شرح فتح القدير" (١/ ١٦٩)، "بدائع الصنائع" (١/ ٨٤)، "البحر الرائق" (١/ ٢٣٣)، "تبيين الحقائق" (١/ ٦٩)، "فتح باب العناية" (١/ ٢٣٧)، "حاشية ابن عابدين" (١/ ٣٠٩). والمسألة مبسوطة مع أدلتها في "الخلافيات" (١/ ١٢٧ - ١٩٢) للبيهقي. (٢) ويستفاد ذلك أيضًا، من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطهور ماؤه"، ولم يجب بقوله - مثلاً-: "نعم"، وأوضح ابن الأثير في "الشافي في شرح مسند الشافعي" (١/ ٦٤) وجهة الدلالة بكلام بديع، وتبعه جمع، منهم: الزرقاني في "شرحه على الموطأ" (١/ ٥٣) والسهارنفوري في "بذل المجهود" (١/ ٣١٥) والعظيم آبادي في "عون المعبود" (١/ ١٥٣) والمباركفوري في "تحفة الأحوذي" (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، ونص كلام ابن الأثير: "وفي جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا السائل بقوله: "هو الطهور ماؤه، الحل ... " بلاغة معروفة من كلامه، وفصاحةٍ خاصةٍ بألفاظه، فإنه لو قال له في الجواب: نعم. لم يحل للسائل غرضه، لكنه - صلى الله عليه وسلم - عدل عن هذا الجواب إلى الجواب الذي أتى بالغرض على أكمل وجه مقرونًا بعلة الجواز، وهي الطهورية المتناهية في مائه، ثم إنه قدم الطهارة على الماء، فقال: "هو الطهور ماؤه" ولم يقل: ماؤه الطهور؛ لأنه في هذا المقام أشد عناية بذكر الوصف الذي اتصف به الماء، وجاز الوضوء به، وهو الطهورية، دون ذكر الماء، فقدم في الذكر الأهم عنده والأحوج إليه. فانظر إلى ما في هذا الجواب السديد من الفائدة التي في قوله: "نعم"، هذا إلى ما كان يجوز أن يحمل لفظة "نعم" عليه من أن ذلك إنما أجازه رخصة لهذا السائل ولمن كان في حاله ممن معه القليل من الماء، وأنه مع كثرة الماء لا يجوز الوضوء به، وهذا الاحتمال من النبي - صلى الله عليه وسلم - منتف بذكر العلة في جواز الوضوء به، وأن ذلك وصف لازم له، سواء قلَّ الماءُ مع المسافرين فيه أو كثر".