للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ألف الشنقيطي رسالة في منعه سماها (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز) تكلم فيها عن المسألة، وحرر رأيه بقوله: (والذي ندين الله به ويلزم قبوله كل منصف محقق أنه لا يجوز إطلاق المجاز في القرآن مطلقاً على كلا القولين، أما على القول بأنه لا مجاز في اللغة وهو الحق؛ فعدم المجاز في القرآن واضح، وأما على القول بوقوع المجاز في اللغة العربية فلا يجوز القول به في القرآن، وأوضح دليل على منعه في القرآن إجماع القائلين بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نفيه .. ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن) (١).

ثم أجاب بأجوبة سديدة على ما ادعي فيه المجاز في كتاب الله تعالى (٢).

ولا بد من العلم بأن حقيقة الخطاب هو ما أراده المتكلم في خطابه، كما قال ابن القيم في الصواعق المرسلة: (الفصل الحادي عشر: في أن قصد المتكلم من المخاطب حمل كلامه على خلاف ظاهره وحقيقته ينافي قصد البيان والإرشاد والهدى، وأن القصدين متنافيان، وأن تركه بدون ذلك الخطاب خير له وأقرب إلى الهدى) (٣).

ولو قيل بالمجاز لأصبح أكثر كلام الناس لا حقيقة له، وهذا مما يضعف القول به ويرده.

قال ابن القيم: (وقد قال بعض أئمة النحاة: أكثر اللغة مجاز، فإذا كان أكثر اللغة مجازاً سهل على النفوس أنواع التأويلات، فقل ما شئت، وأول ما شئت، وأنزل عن الحقيقة ولا يضرك أي مجاز ركبته) (٤). فإذا قيل مثلاً: قطع الأمير يد زيد. قيل: هل قطعها حساً أو معنى؟ وهل قطعها بنفسه؟ أو أمر بذلك؟ وهكذا.

المسألة الثانية:

ذكر العلماء في تفسير هذه الآية قولين:


(١) منع جواز المجاز ص ٣٦.
(٢) ينظر: ص ٦١.
(٣) ١/ ٣١٠.
(٤) الصواعق المرسلة ٢/ ٤٥١.

<<  <   >  >>