للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الأول: أنهم أشربوا في قلوبهم حب العجل، وهذا هو قول قتادة وأبي العالية (١)، وذلك أن من عادة العرب إذا أرادوا العبارة عن مخامرة حب أو بغض استعملوا لفظ الشراب لأنه أبلغ ما يتغلغل في البدن، ولو قيل: إنهم أحبوا العجل لم تكن هذه المبالغة (٢)، ويكون هذا من باب حذف المضاف وهو الحب، وحلول المضاف إليه مقامه اكتفاء بفهم السامع لمعنى الكلام فيكون كالمذكور، إذ كان معلوماً أن العجل لا يُشرِبُ القلبَ، وأن الذي يُشرِب القلبَ منه حبه، وهو مستعمل كثيراً، كما قال تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف:١٦٣]، وقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف:٨٢]، والمراد: أهل القرية.

القول الثاني: أنهم سقوا الماء الذي ذُرِّي فيه سُحالة العجل، وهذا هو قول السدي (٣)، وابن جريج (٤)، ودليل تذريته في البحر قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧)} [طه:٩٧].


(١) جامع البيان ٢/ ٢٦٣، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران البصري الرياحي، كان إماماً في القرآن والتفسير، مات سنة ٩٣ هـ، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٠٧، طبقات الداوودي ١/ ١٧٨.
(٢) ينظر: المفردات ص ٢٨٩ بتصرف كثير.
(٣) هو أبو محمد إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي الهاشمي الكوفي، المشهور بالتفسير، مات سنة ١٢٧ هـ، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٦٤، طبقات الداوودي ١/ ١١٠.
(٤) جامع البيان ٢/ ٢٦٥، وابن جريج هو عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج أبو الوليد ويقال: أبو خالد الرومي الأموي مولاهم المكي صاحب التصانيف، مات سنة ١٥٠ هـ، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٢٥، طبقات الداوودي ١/ ٣٥٨.

<<  <   >  >>