للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والراجح بعد النظر في القولين: القول الأول وهو الذي قال به ابن عقيل، ويؤيده ما قاله الطبري: (وأولى التأويلين الذين ذكرت بقول الله جل ثناؤه: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة:٩٣]، تأويل من قال: وأشربوا في قلوبهم حب العجل، لأن الماء لا يقال منه: أُشرِب فلان في قلبه، وإنما يقال ذلك في حب الشيء) (١).

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: " تعرض الفِتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أُشرِبها نُكِت فيه نُكتة سوداء .. " الحديث (٢).

قال النووي: (معنى أُشربها دخلت فيه دخولاً تاماً وألزمها وحلت منه محل الشراب، ومنه قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة:٩٣] أي حب العجل) (٣).

وهو ما رجحه الفراء (٤)، وابن الجوزي (٥)، والبغوي (٦)، وابن عطية (٧)، والقرطبي (٨).

وهذا من إيجاز الحذف، ومثله قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:٨٢] أي: أهلها.

فالإيجاز ضربان:

أحدهما: إيجاز الحذف وشرطه أن يكون في اللفظ دلالة على المحذوف.


(١) جامع البيان ١/ ٤٦٧.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب رفع الأمانة والإيمان عن بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب (١٤٤) من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.
(٣) شرح صحيح مسلم ٢/ ٣٣٠.
(٤) معاني القرآن ١/ ٦١.
(٥) زاد المسير ١/ ١٠١.
(٦) معالم التنزيل ١/ ٦٠.
(٧) المحرر الوجيز ١/ ١٨٠.
(٨) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٢٣.

<<  <   >  >>