للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني: إيجاز القصر، وهو ما ليس بحذف، لكن معناه كثير يزيد على لفظه (١) كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة:١٧٩]، ولأجل تحصيل المعنى الكثير في اللفظ القليل حسن الإيجاز بنوعيه (٢)، ومن قواعد التفسير: أن القرآن بلغة العرب والعرب تحذف ما كفى منه الظاهر في الكلام إذا لم تشك في معرفة السامع مكان الحذف (٣). والله تعالى أعلم.

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥)} [البقرة:٩٤ - ٩٥].

٧/ ٦ - قال ابن عقيل: ({وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [البقرة:٩٥] وأخبر سبحانه عن تمنيهم الموت في النار، وأنهم يقولون: {يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:٧٧] أي: ليمتنا؛ فبان بذلك أنه أراد بالأبد: مدتهم في الدنيا، ومبلغ أعمارهم اهـ) (٤).

الدراسة:

تناول ابن عقيل في كلامه مسألتين:

المسألة الأولى:

نفى ابن عقيل أن يكون المراد بالأبد ما لا نهاية له، وعلى هذا فالمراد بالآية: أن اليهود لن يتمنوا الموت مدة بقائهم في الدنيا، ويؤيد هذا أن الله ذكر تمنيهم الموت في النار بقوله سبحانه: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:٧٧]، فالأبد مدة من الزمان مهما طالت، وهو في الآية أبدٌ من الآباد، وهذا هو قول عامة العلماء في معنى الأبد، وفي المراد به بالآية.


(١) ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة ص ١٨٤.
(٢) ينظر: التحرير والتنوير ١/ ١٢٢.
(٣) قواعد التفسير ١/ ٣٦٤.
(٤) ينظر: الواضح ٤/ ١٠٤.

<<  <   >  >>