للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القاضي عياض (١): (اعلم أن ثناء الله على يحيى بأنه حصور ليس كما قال بعضهم: إنه كان هيوباً، أو لا ذكر له، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين، ونقاد العلماء، وقالوا: هذه نقيصة وعيب ولا تليق بالأنبياء، وإنما هو معصوم من الذنوب، أي: لا يأتيها، كأنه حصر عنها، وقيل: مانعاً نفسه من الشهوات. وقيل: ليست له شهوة في النساء.

وقد بان لك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص، وإنما الفضل في كونها موجودة ثم قَمْعُها: إما بمجاهدة كعيسى، أو بكفاية من الله عز وجل كيحيى عليه السلام ... والمقصود أن مدح يحيى بأنه حصور ليس أنه لا يأتي النساء، بل معناه كما قاله هو وغيره: إنه معصوم من الفواحش والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال وغشيانهن وإيلادهن، بل قد يفهم وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم حيث قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران:٣٨]، كأنه قال: ولداً له ذرية ونسل وعقب، والله سبحانه وتعالى أعلم) (٢).


(١) هو الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى بن عمرون اليحصِبي الأندلسي ثم السبتي المالكي، ولي القضاء، وأكثر من التواليف ومن كتبه: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، مات سنة ٥٤٤ هـ، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٢١٢، طبقات الداوودي ٢/ ٢١.
(٢) الشفا ١/ ١١٦، وينظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٧٠٥.

<<  <   >  >>