للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي يظهر لي أنه لا اختلاف بين هذه الأقوال في معنى الآية إجمالاً فـ[إلى] تأتي في اللغة بمعنى [مع] (١)، كقولهم: (الذود إلى الذود إبل) (٢)، وكل الأقوال ترجع إلى ما يشمله معنى النصر من إعلان الدين والدعوة إليه إذ لا بد لحصول النصر من تحصيل سببه كما هي سنة الله، قال سبحانه: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد:٧]، ولذا فالقول بأن [إلى] بمعنى المعية يفيد الإعانة على النصر، وكذا من جعل [إلى] على بابها وضمن النصر معنى الضم، ومثله من علق [إلى] ومجرورها بمحذوف، وقول الحسن ومجاهد لا يخرج عن معنى ما سبق، فقد قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)} [يوسف:١٠٨]، فالاتباع يكون بالانضمام والمعية في الطريق نفسه وهو الدعوة إلى الله تعالى، ولذلك لم يأت الحواريون بـ[إلى] في قولهم: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران:٥٢] (٣). والله تعالى أعلم.

قال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)} [آل عمران: ٧٥].


(١) ينظر: مغني اللبيب ص ٨٦. وذكر هذه الآية مثالاً لإتيان [إلى] بمعنى [مع].
(٢) أي: أن القليل مع القليل كثير، ينظر: مجمع الأمثال ١/ ٣٥٣.
(٣) ينظر: التحرير والتنوير ٣/ ٢٥٥.

<<  <   >  >>