للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الجصاص: (وشذت طائفة من الخوارج (١) بإباحة الجمع بين من عدا الأختين؛ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}، وأخطأت في ذلك وضلت عن سواء السبيل ; لأن الله تعالى كما قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} قال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر:٧]، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريم الجمع بين مَن ذكرنا، فوجب أن يكون مضموماً إلى الآية، فيكون قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} مستعملاً فيمن عدا الأختين، وعدا من بَيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريم الجمع بينهن .. ) (٢).

والمجيزين للجمع بن الأختين وبين المرأة وعمتها أو خالتها لا يعتد بخلافهم، كما قال القرطبي: (وأجاز الخوارج الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها وخالتها، ولا يعتد بخلافهم؛ لأنهم مرقوا من الدين وخرجوا منه، ولأنهم مخالفون للسنة الثابتة) (٣).

ولا شك أن القول الصحيح هو تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها بتخصيص السنة الصريحة الصحيحة، وجواز تخصيص القرآن بالسنة في هذه الآية مما هو كالإجماع بين العلماء.


(١) الخوارج: فرقة خرجت على علي - رضي الله عنه - لما قبل التحكيم، وقد تفرقت لأكثر من عشرين فرقة، ومن أسمائهم: الحرورية لنزولهم حروراء، ومن عقائدهم: أن مرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار، ينظر: الفصل في الملل والنحل والأهواء لابن حزم ٣/ ١٢٤، الملل والنحل للشهرستاني ١/ ٩٠.
(٢) أحكام القرآن ٢/ ١٦٩، وينظر: التفسير الكبير ١٠/ ٣٥.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٥/ ١٢٥.

<<  <   >  >>