للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - أنه بناء على هذا الجواز حُملت الآيات القرآنية التي استدلوا بها، فالإجابة ممكنة على كل آية استدلوا بها، فيقال مثلاً: قوله: {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} يعني: هارون، وموسى، وفرعون وقومه، وهم جماعة، وقوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} لضرورة استثقال الجمع بين تثنيتين مع أن القلوب على وزن الواحد في بعض الألفاظ، وقوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} أراد به يوسف، وأخاه، والأخ الأكبر الذي تخلف عن الإخوة، وقوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} أي: حكمهما مع الجمع المحكوم عليهم أو التفخيم لهما، وقوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} كل طائفة جمع. قال ابن عطية: (وهذه الآيات كلها لا حجة فيها عندي على هذه الآية؛ لأنه قد تبين في كل آية منها بالنص أن المراد اثنان فساغ التجوز بأن يؤتى بلفظ الجمع بعد ذلك) (١).

٤ - أن كل ما استدل به من قال: إن أقل الجمع اثنان، قامت القرينة والدلالة على أنه أريد به الاثنين، وهذا لا خلاف فيه.

٥ - أما استدلالهم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " اثنان فما فوقهما جماعة "، على فرض صحته، فهو دليل عليهم؛ إذ لو كان الاثنان جمعاً في اللغة لما احتاج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيان جماعة الصلاة بأنها اثنان؛ لأن هذا هو الأصل، فليس فيه جديد.

٦ - أن الاثنين لو كان جمعاً لكان قولنا: رجلان، اسم جمع، فهل يجوز إطلاقه على الثلاثة فصاعداً، كما يُقال في: رجال؟ الجواب بلا ريب: لا.

٧ - أنه أجمع أهل اللغة على أن الأسماء ثلاثة أضرب: إفراد، وتثنية، وجمع، وهو رجل، ورجلان، ورجال، فلا بد من كون هذه الثلاثة متباينة (٢).


(١) المحرر الوجيز ٢/ ١٧.
(٢) ينظر: ضياء السالك ١/ ٥٧.

<<  <   >  >>