للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن المراد به في الآية: الاجتهاد في أمور الدين، ولهذا استدل بها المفسرون على صحة الإجماع وحجيته.

قال الجصاص: (فدل على صحة إجماع الأمة لإلحاقه الوعيد بمن اتبع غير سبيلهم) (١).

وقال السمرقندي: (وفي الآية دليل أن الإجماع حجة؛ لأن من خالف الإجماع فقد خالف سبيل المؤمنين) (٢).

ويتفرع عن هذه المسألة: تحريم مخالفة ما اجتمعت عليه هذه الأمة فيما عُلم اتفاقهم عليه تحقيقاً، فقد ضُمِنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ، وهذا الحكم ظاهر من الوعيد المنصوص عليه في الآية: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء:١١٥] (٣).

المسألة الثالثة:

أن المراد بالمؤمنين في الآية: العلماء، ولم أجد أحداً من المفسرين خص المؤمنين بالعلماء، ولكن يظهر أن هذا التخصيص قد انبنى على ما قبله وهو: أن المراد بسبيل المؤمنين اجتهادهم ولا يكون الاجتهاد إلا للعلماء، ويؤكد هذا ما استدل به من أن العوام والجهال لا سبيل لهم يُتبع، وهو كما قال، والله تعالى أعلم.

قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧)} [النساء:١٥٧].

٤٠/ ١٨ - قال ابن عقيل: (قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ}، بمعنى: لكن اتباع الظن اهـ) (٤).


(١) أحكام القرآن ٢/ ٣٥٣، وينظر: الكشاف ١/ ٥٩٨، تفسير النسفي ١/ ٢٥١.
(٢) تفسير السمرقندي ١/ ٣٦٣.
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير ٣/ ١٠١٨، تفسير البيضاوي ٢/ ٢٥٣.
(٤) الواضح ٣/ ٤٨٧.

<<  <   >  >>