للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: إنه يُقطع في القليل والكثير، روي عن الحسن، وهو قول داود، والخوارج (١).

واستدلوا بعموم الآية، ويجاب بأن الإطلاق مقيد بالأحاديث المذكورة.

واستدلوا أيضاً: بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده " (٢)، ويجاب عنه: بأن المراد: التنفير عن السرقة، وجعل ما لا قطع فيه بمنزلة ما فيه القطع، وأن من سرق القليل لم ييأس أن يؤديه ذلك إلى سرقة الكثير فتُقطع فيه اليد (٣)، على أنه قيل: إن المراد بالبيضة بيضة الحديد ولا شك أن لها قيمة، وكذلك الحبل فإن في الحبال ما تزيد قيمته على ثلاثة دراهم كحبال السفن (٤)، ولكن مقام المبالغة لا يناسب ذلك (٥).

قال الجصاص: (وروي عن الحسن البصري أنه قال: (يقطع في درهم واحد) وهو قول شاذ، قد اتفق الفقهاء على خلافه ... ) إلى أن قال: (ولا يصح الاحتجاج بعموم قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:٣٨]؛ لما بينا أنه مجمل بما اقترن إليه من توقيف الرسول عليه السلام على اعتبار ثمن المجن، ومن اتفاق السلف على ذلك أيضاً؛ فسقط الاحتجاج بعمومه) (٦).


(١) ذكره ابن قدامة في المغني ١١٢/ ٤١٨، وابن حجر في فتح الباري ١٢/ ١٢٧ وأشار إلى شذوذه.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب لعن الله السارق إذا لم يسم (٦٧٨٣)، مسلم في كتاب الحدود باب حد السرقة ونصابها (١٦٨٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) ينظر: فتح الباري ١٢/ ٩٧، نيل الأوطار ٧/ ١٤٠.
(٤) كما فسره بهذا الأعمش وهو أحد رواة الحديث، ينظر: صحيح البخاري ص ١٤٢٤.
(٥) ينظر: نيل الأوطار ٧/ ١٤٠.
(٦) أحكام القرآن ٢/ ٥٢٠.

<<  <   >  >>