للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن في استعمال [عن] في هذا الموضع تضمين الآية معنى العفو والصفح والتجاوز (١).

أشار إلى هذا السمرقندي بقوله: (قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى:٢٥] حتى يتجاوز عما عملوا قبل التوبة) (٢).

كما أن في استعمال [عن] إشارة إلى تجاوز المذنب لحدوده، فهو بحاجة إلى استحضار هذا المعنى ليستوفي شروط التوبة فيحصل له القبول (٣).

وقال أبو حيان: ({عَنْ عِبَادِهِ} أي: يزيد الرجوع عن المعاصي) (٤).

وبتتبع قَبِل وتَقَبَّل في القرآن نجد أنهما تعديا بـ[من] إلا في ثلاثة مواضع كلها في سياق التوبة والتجاوز عن السيئات:

أحدها: آية التوبة التي معنا، وثانيها: قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٢٥)} [الشورى:٢٥]، وثالثها: قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} [الأحقاف:١٦].

فكان من حِكَم اختيارها إفادة معنى زائد لا يوجد عند استعمال [من] في موضعها، فقد أفادت معنى [من] وزادت عليها محو الذنوب وصرفها عنهم فضلاً منه ورحمة، وكأن الله ميز الأعمال الصالحة وعزلها عن الأعمال السيئة، فقبل الطيب منها وتجاوز عن السييء (٥).


(١) ينظر: البرهان في علوم القرآن ٣/ ٣٣٩.
(٢) تفسير السمرقندي ٣/ ٢٣١.
(٣) ينظر: التفسير الكبير ١٦/ ١٤٨.
(٤) البحر المحيط ٧/ ٥١٧.
(٥) ينظر: من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم ص ٣٢٥.

<<  <   >  >>