للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

فسر ابن عقيل [الباء] في الآية بمعنى [من]، وهو مستعمل في العربية، تقول العرب: شربت بماء كذا، أي من ماء كذا (١)، وكقوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان:٦]، أي منها (٢).

وفي معنى الآية قولان:

أحدهما: أنزله وهو عالم بإنزاله، وعالم بأنه حق من عنده (٣).

والثاني: أَنزله فيه عِلْمُه الذي لا يعلمه البشر عما سلف وما سيكون، مما لم يقرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - كتاباً ليدل على أنه من عند الله (٤).

أما الأول: وإن كان محتملاً؛ فبعيد؛ لأنه لا يضيف معنى جديداً أن ينزله الله وهو يعلمه.

ويبقى الثاني هو الأرجح: وهو قول جمهور العلماء.

قال شيخ الإسلام: (وليس معنى مجرد كونه أنزله: أنه هو معلوم له؛ فإن جميع الأشياء معلومة له، وليس في ذلك ما يدل على أنها حق، لكن المعنى: أنزله فيه علمه كما يقال: فلان يتكلم بعلم، ويقول بعلم، فهو سبحانه أنزله بعلمه كما قال: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفرقان:٦]) (٥).


(١) ينظر: لسان العرب ١/ ٤٨٧.
(٢) على رأي الكوفيين، ينظر: تأويل مشكل القرآن ص ٣٠٢، العدة ١/ ٢١١، مغني اللبيب ص ١١٤. وقيل: الباء صلة، ينظر: المحرر الوجيز ٥/ ٤١٠. وقيل: على معناها الأصلي والفعل يشرب مضمن معنى آخر وهو مذهب البصريين، بمعنى: يروى أو يتلذذ بها عباد الله، وهذا أمتن في اللغة، وأعمق في البلاغة، ينظر: الجامع لأحكام القرآن ١٩/ ١٢٦، مغني اللبيب ص ١١٤، و ينظر: ص ٥٥١.
(٣) ينظر: الوجيز ١/ ٥١٥.
(٤) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٢، الصواعق المرسلة ٣/ ٨٧٧، فتح القدير ٢/ ٦١٩.
(٥) مجموع الفتاوى ١٤/ ١٩٦.

<<  <   >  >>