للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالله سبحانه خلق الأسباب والمسببات، وجعل هذا سبباً لهذا، وما قدره الله فهو بسبب، وهذا قول وسط بين قول الجبرية: الذين يقولون: إن العبد مجبر على عمله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار، والله خالق فعله حقيقة، وإضافة الفعل إلى العبد مجازاً (١)، والقدرية: الذين يقولون: إن العبد قادر على إيجاد فعله، وليس لله - تعالى الله عن قولهم - دخل في ذلك، لا قدرة ولا مشيئة ولا قضاء (٢)، والقول الوسط هو الحق.

قال شيخ الإسلام في صفات الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة: (وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية) (٣). والله أعلم.

قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (٧٢)} [النحل:٧٢].

٨٧/ ٤ - قال ابن العربي: (سمعت إمام الحنابلة بمدينة السلام أبا الوفاء علي بن عقيل يقول: إنما تبع الولد الأم في المالية، وصار بحكمها في الرق والحرية؛ لأنه انفصل عن الأب نطفة لا قيمة له، ولا مالية فيه، ولا منفعة مثبوتة عليه، وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها، فلأجل ذلك تبعها، كما لو أكل رجل تمراً في أرض رجل، فسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة، فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل بإجماع من الأمة؛ لأنها انفصلت من الآكل ولا قيمة لها اهـ) (٤).


(١) ينظر: الملل والنحل للشهرستاني ١/ ٦٧، تاريخ الفرق وعقائدها ص ١٤٩.
(٢) ينظر: الملل والنحل للشهرستاني ١/ ٤١، الفرق بين الفرق ص ١٨.
(٣) العقيدة الواسطية ص ١٨٦ مع شرح الهراس.
(٤) أحكام القرآن ٣/ ١٤١.

<<  <   >  >>