للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الأول: أن سليمان أصاب الحق في هذه المسألة باجتهاده دون داود مع عدم نفي العلم عنه في غيرها من المسائل، وهذا هو قول ابن عقيل، وهو ما عليه جمهور العلماء (١).

واستدلوا: بالآية التي معنا، ووجه الاستدلال: تخصيص سليمان بالفهم دون داود.

القول الثاني: أنهما مصيبان جميعاً؛ لأنهما حكما بوحي؛ لكن ما حكم به داود كان منسوخاً، وما حكم به سليمان كان ناسخاً؛ فعلم سليمان النص الناسخ وغاب عن داود (٢).

واستدلوا: بالآية نفسها، ووجه الاستدلال: أن الله آتى كلاً منهما حكماً وعلماً.

والقول الراجح هو قول جمهور العلماء: أن سليمان أصاب باجتهاده وأثنى الله عليه بذلك، أما داود عليه السلام فقد اجتهد وأخطأ (٣)، وذلك لأمور منها:

١ - أن في الآية قرائن تدل على أن حكمهما كان باجتهاد لا بوحي، وأن سليمان أصاب فاستحق الثناء باجتهاده وإصابته، وأن داود لم يصب فاستحق الثناء باجتهاده ولم يستوجب لوماً ولا ذماً بعدم إصابته، ومنها:

أ/ قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا} [الأنبياء:٧٩] دليل على أنه فهمها من نصوص ما عنده من الشرع لا أنه نزل عليه وحي جديد ناسخ.

ب/ أن داود لم يفَهَّم هذه المسألة ولو كان حكمه فيها بوحي لكان مفَهَّماً إياها (٤).

ج/ أن في سياق الآية دلالة على أن كل واحد منهما حكم بحكم مخالف لحكم الآخر، ولو كان وحياً لما ساغ الخلاف (٥).


(١) ينظر: الواضح ٥/ ٣٥٦، المحرر الوجيز ٤/ ٩١، الجامع لأحكام القرآن ١١/ ٣٠٩.
(٢) ينظر: تفسير السمعاني ٣/ ٣٩٤، روح المعاني ١٧/ ٧٦.
(٣) والمجتهد المخطئ معذور، ولم يُقر على ذلك من الله تعالى.
(٤) ينظر: أضواء البيان ٣/ ١١٥.
(٥) ينظر: زاد المسير ٥/ ٢٧٤، أضواء البيان ٣/ ١١٥.

<<  <   >  >>