للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما تكليفهم بالنواهي فقد نُقل الاتفاق عليه كما قال الزركشي: (وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا خلاف في تكليفهم بالنواهي، وإنما الخلاف في تكليفهم بالأوامر) (١).

فيتلخص الخلاف في قولين: التكليف بالأوامر أو عدمه، وإذا عُرف هذا فما القول الراجح.

قلت: والذي يترجح عندي هو القول الأول لقوة أدلته، وإمكان الإجابة على أدلة المخالفين.

فقولهم: إن تكليف الكفار بالأوامر عبث، لا يوافقون عليه بل فيه فائدة وهي: أنه لو مات عُوقِب على تركه (٢)، وهم مخاطبون بفروع الشرع وبما لا تصح إلا به وهو الإيمان (٣).

وكذلك يُقال: إنه وإن كان لا يتمكن من فعلها مع الكفر، فقد جُعِل له السبيل الذي يوصله إليها؛ بأن يقدم الإيمان ثم يفعل العبادات، كالمُحْدِث الذي لا تقبل صلاته إلا إذا توضأ، وإنما الذي يستحيل فعله هو ما لا طريق يُوصِل إليه.

فإن قيل: صحيح أن المحدِث مخاطب بفعل الصلاة وإن لم تصح منه؛ لأن الحدث يمنع فعل الصلاة؛ لكن إذا تطهر لم تسقط عنه الصلاة التي لزمته حال الحدث، بخلاف الكافر فإنه لا يتأتى منه في حال كفره، ويسقط عنه القضاء حال إسلامه، فلا يفعله مطلقاً.


(١) البحر المحيط للزركشي ٢/ ١٣٠، ونقل ما حكاه أبا حامد الاسفراييني حيث قال: (وأما المعاصي فمنهيون عنها بلا خلاف بين المسلمين). وقال أبو إسحاق الاسفراييني في كتابه في الأصول: (لا خلاف أن خطاب الزواجر من الزنا والقذف يتوجه على الكفار كما يتوجه على المسلمين).
(٢) روضة الناظر ١/ ١٤٨.
(٣) مذكرة في أصول الفقه ص ٤٠.

<<  <   >  >>