للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيُقال: إنما لم يجب القضاء على الكافر؛ لأن الإسلام جُعِل مسقطاً لما سلف، لئلا يكون وجوب القضاء تنفيراً عن الإسلام؛ فقد يسلم بعد كبر، فإذا علم أنه يلزمه قضاء ما ترك في عمره من صلاة أو صيام أو زكاة، نفَّره ذلك عن اختيار الإسلام واعتقاده، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:٣٨]، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص - رضي الله عنه -: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله " (١)، فهذا يدل على أن الإسلام هو المسقط لما سبقه من الواجب.

وأما استدلالهم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ - رضي الله عنه - وكتابه إلى قيصر؛ فالجواب عنه أن يُقال:

إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بأن يدعوهم لفروع الشريعة أولاً؛ لأنه لا يصح منهم فعله في حال كفرهم، فبدأ بما يصح فعله وهو الإيمان، ويؤيد هذا: أنه ثنى في حديث معاذ: بالأمر بالصلاة وغيرها من فروع الشريعة (٢). والله أعلم.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)} [الفرقان:٦٨ - ٧٠].


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب كون الإسلام يهدم ما قبله (١٢١).
(٢) يراجع في هذه المسألة: العدة ٢/ ٣٦٤، الواضح ٣/ ١٣٢، نهاية السول ص ٧٢، البحر المحيط للزركشي ٢/ ١٢٤، التقرير والتحبير ٢/ ٨٧، روضة الناظر ١/ ١٤٥.

<<  <   >  >>