للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عطية: (وقوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ لَا} الآية [الفرقان:٧٠]، لا خلاف بين العلماء أن الاستثناء عامل في الكافر والزاني، واختلفوا في القاتل من المسلمين) (١).القول الأول:

المشهور من مذهب ابن عباس - رضي الله عنه -، وإحدى الروايتين عن أحمد: أن توبة القاتل غير مقبولة (٢). ... وقد ناظر ابن عباس في هذه المسألة أصحابه، فقالوا: أليس قد قال الله تعالى في سورة الفرقان: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان:٦٨] إلى أن قال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)} [الفرقان:٧٠]، فقال: كانت هذه الآية في الجاهلية (٣)، وذلك أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وزنوا، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن الذي تدعو إليه لَحَسن لو تخبرنا أن لما عملناه كفارة؛ فنزل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية [الفرقان:٦٨]، فهذه في أولئك، وأما التي في سورة النساء وهي قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)} [النساء:٩٣]، فالرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه، ثم قتل، فجزاؤه جهنم (٤).


(١) المحرر الوجيز ٤/ ٢٢١، الجامع لأحكام القرآن ١٣/ ٧٧.
(٢) ينظر: الإنصاف مع الشرح ٢٧/ ١٤٠.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية [الفرقان:٦٨] (٤٧٦٤).
(٤) ينظر: جامع البيان ٧/ ٣٤٢.

<<  <   >  >>