للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

أبان ابن عقيل أن الحسرة إنما هي من العباد واستدل على هذا المعنى بآية الزمر، وهو ما عليه عامة العلماء، قال الطبري: (القول في تأويل قوله عز وجل: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠)} [يس:٣٠] يقول تعالى ذكره: يا حسرة من العباد على أنفسها، وتندماً وتلهفاً في استهزائهم برسل الله، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ} من الله، {إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}، وذُكِر أن ذلك في بعض القراءة: (يا حسرة العباد على أنفسها) (١). وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل) (٢).

وقال السمرقندي: (قوله عز وجل: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس:٣٠]، يعني: يا ندامة على العباد في الآخرة، يعني: يقولون يا حسرتنا على ما فعلنا بالأنبياء عليهم السلام) (٣).

وقال البغوي: ({يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس:٣٠] قال عكرمة: يعني يا حسرتهم على أنفسهم والحسرة: شدة الندامة، وفيه قولان: أحدهما / يقول الله تعالى: يا حسرة وندامة وكآبة على العباد يوم القيامة حين لم يؤمنوا بالرسل، والآخر / أنه من قول الهالكين، قال أبو العالية: لما عاينوا العذاب قالوا يا حسرة) (٤).

ويؤيد هذا قوله جل وعلا: {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران:١٥٦]، وقوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر:٥٦].


(١) نسبها لأبي بن كعب - رضي الله عنه - النحاس في معاني القرآن ٥/ ٤٨٩، وعدها ابن جني في المحتسب ٢/ ٢٠٨ من الشواذ.
(٢) جامع البيان ١٩/ ٤٢٩.
(٣) تفسير السمرقندي ٣/ ١١٥، وينظر: الوجيز ٢/ ٨٩٩.
(٤) معالم التنزيل ٤/ ٨.

<<  <   >  >>