للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففي نفي المثلية لغيره مطلقاً ثم إثبات صفة السمع والبصر له سبحانه في نفس الآية دلالة واضحة على أن هذه الصفات ثابتة لله تعالى على ما يليق بعظمته وجلاله، فالله سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وليس له فيها شبيه، فالمخلوق وإن كان يوصف بأنه سميع بصير، فليس سمعه وبصره كسمع الرب وبصره، ولا يلزم من إثبات الصفة تشبيه، إذ صفات المخلوق كما يليق به، وصفات الخالق كما يليق به، ولا يمكن أن تصل عقول الخلق إلى كيفيتها، ثم إن في هذه الآية أيضاً الرد على الممثلة والمعطلة، كما قال ابن تيمية: (ومذهب السلف بين مذهبين، وهدى بين ضلالتين، إثبات الصفات ونفى مماثلة المخلوقات، فقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] رد على أهل التشبيه والتمثيل، وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١] رد على أهل النفي والتعطيل، فالممثل أعشى، والمعطل أعمى، الممثل يعبد صنماً، والمعطل يعبد عدماً) (١).

تنبيه:

قول ابن عقيل: (وأنها ليست جوارح ولا أبعاضاً) هذه من الألفاظ المحدثة، يستدل بها نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة، فنفوا معنى الصفة عن الله تعالى بهذه الحجة، وأما المفوضة (٢) فأثبتوا معنىً مجهولاً ونفوا ما يُعلم من لفظه، حيث يقولون: إن الصفات لا تقوم إلا بالأجسام، والأجسام جوارح وأبعاض متماثلة، فإثبات الصفات مستلزم للتجسيم والتشبيه، والنصوص الواردة في الصفات مجهولة للخلق لا سبيل لمعرفة معانيها.

وكلامهم باطل من وجوه:


(١) مجموع الفتاوى ٥/ ١٩٦، وينظر: شرح العقيدة الطحاوية ١/ ١١٨.
(٢) أهل التفويض: هم الذين يفوضون معاني النصوص الشرعية الثابتة التي تُعارض قواعدهم وعقائدهم، ولا يستطيعون ردها ولا تأويلها، مع اعتقادهم أن ظاهر النص غير مراد، ينظر: الفرق بين الفرق ص ٣٠٢، مجموع الفتاوى لابن تيمية ٥/ ٩، الموسوعة الميسرة ٢/ ١٠١٥.

<<  <   >  >>