للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الجصاص: (وقد وصف الله تعالى الشهود المقبولين بصفتين: إحداهما: العدالة في قوله تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة:١٠٦] وقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:٢]، والأخرى: أن يكونوا مرضيين لقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة:٢٨٢] والمرضيون لا بد أن تكون من صفتهم العدالة) (١).

واختار أبو حنيفة أن العدالة الظاهرة كافية في قبول الشهادة، أما العدالة الحقيقية وهي الثابتة بالسؤال عن حال الشهود بالتعديل والتزكية فليست بشرط عنده؛ لظاهر قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة:١٤٣]، أي: عدلاً (٢).

ولأن العدالة الحقيقية لا يمكن الوصول إليها، فتعلق الحكم بالظاهر (٣).

قال ابن قدامة: (الفسوق نوعان: أحدهما: من حيث الأفعال، فلا نعلم خلافاً في رد شهادته، والثاني: من جهة الاعتقاد، وهو اعتقاد البدعة فيوجب رد الشهادة أيضاً ... ) (٤).

وذلك: مثل شرب الخمر، والتساهل في فعل المعاصي، والقول بخلق القرآن، ونحوها، وأشار ابن قدامة إلى أن ظاهر قول أبي حنيفة: قبول شهادة أهل الأهواء (٥)، وهذا قول مرجوح، لأنه أحد نوعي الفسق، إلا ألا يكون ذلك ظاهراً كما سبق.

المسألة الثالثة:

أشار ابن عقيل إلى أن الشهادة بالرجعة في الطلاق الرجعي خاص بالرجال دون النساء، وهو قول مالك (٦)، والشافعي (٧)، وأحمد (٨)، وأكثر الفقهاء (٩).


(١) أحكام القرآن ١/ ٦١٥.
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٩/ ٢٦.
(٣) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٦١٠.
(٤) ينظر: المغني ١٤/ ١٤٨.
(٥) ينظر: المرجع السابق.
(٦) ينظر: المدونة ٤/ ٢٥.
(٧) ينظر: الحاوي ١٧/ ٨.
(٨) ينظر: المغني ١٤/ ١٢٧.
(٩) ينظر: الحاوي ١٧/ ٨.

<<  <   >  >>