للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا عَمِلَ المسلم بعلمه فاز برضا الله تعالى، ونال جنته:

اعْمَلْ بِعِلْمِكَ تَغْنَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ ... لَا يَنْفَعُ الْعِلْمُ إِنْ لَمْ يَحْسُنِ الْعَمَلُ

وَالْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَقَوَى اللَّهِ زِينَتُهُ ... وَالْمُتَّقُونَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِمْ شُغُلُ

تَعَلَّمِ الْعِلْمَ وَاعْمَلْ مَا اسْتَطَعْتَ بِهِ ... لَا يُلْهِيَنَّكَ عَنْهُ اللَّهْوُ وَالْجَدَلُ (١)

وقد كان السلف رحمهم الله من أكثر الناس حرصًا على العمل بالعلم، ومبادرةً لتطبيقه في واقع حياتهم.

عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: «حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ آيَاتٍ، وَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنَ الْعَمَلِ وَالْعِلْمِ فَإِنَّا عُلِّمْنَا الْعَمَلَ وَالْعِلْمَ. قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعًا, وأنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز هذا، وأشار بيده إلى حنكه» (٢).

وقد مثّل السلف نماذج رائعة في المبادرة بالامتثال وسرعة تطبيق العلم:

فالإمام أبو حنيفة - رحمه الله - كان لا يقول بجواز المسح على الجوربين، ثم رجع إلى الجواز قبل موته بثلاثة أيام أو بسبعة، ومسح على جوربيه في مرضه، وقال لعواده: فعلت ما كنت أنهى عنه (٣).


(١) اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي ص (٣٨).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٣٨/ ٤٦٦) رقم (٢٣٤٨٢)، وابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ١١٧) رقم (٢٩٩٢٩).
(٣) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (١/ ٥٢)، والجوهرة النيرة على مختصر القدوري للزبيدي (١/ ٢٨).

<<  <   >  >>