للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الإمام مالك - رحمه الله -: نقل عنه ابن وهب قال: «سمعتُ مالكًا سُئِلَ عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء، فقال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خَفَّ الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وماهي؟ قلت: حدثنا الليث ابن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن المستورد بن شداد القرشي قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه. فقال: إن هذا الحديث حسن، وما سمعتُ به قط إلا الساعة. ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع» (١).

وأما الإمام الشافعي؛ فالمثال فيه أوضح وأكبر؛ فقد اشتهر عنه المذهب القديم في العراق، والجديد في مصر، وقد رجع في مذهبه الجديد عن مذهبه القديم إلا مسائل يسيرة أوصلها بعضهم إلى سبع عشرة مسألة، وأوصلها آخرون إلى نيف وثلاثين مسألة، وذلك لوقوفه على الدليل الصحيح.

وهذا الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -، لم يكتب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا إلا بعد ما عمل به، قال الْمَرْوَذِي: قال لي أحمد: «ما كتبتُ حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد عملتُ به، حتى مَرَّ بي الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم، وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطيتُ الحجام دينارًا حتى احتجمت» (٢).

وقد جاء الوعيد الشديد على من لم يعمل بعلمه، عن أسامة بن زيد - رضي الله عنها -،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (١/ ٣١، ٣٢)، ومن طريقه الخليلي في الإرشاد (١/ ٤٠٠) رقم (٩٧).
(٢) أخرجه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١/ ١٤٤) رقم (١٨٤).

<<  <   >  >>