للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي يوسف - رحمه الله - قال: «يا قوم أريدوا بعلمكم الله؛ فإني لم أجلس مجلسًا قط أنوي فيه أن أتواضع، إلا لم أقم حتى أعْلُوهم، ولم أجلس مجلسًا قط أنوي فيه أن أعْلُوهم، إلا لم أقم حتى أفتضح» (١).

معالجة النية:

مما اتفق عليه المخلصون أن النية لا تستقيم للعبد إلا بطول تعاهد وكثرة مجاهدة.

قال سفيان الثوري - رحمه الله -: «ما عالجتُ شيئًا أشد علي من نيتي؛ إنها تتَقَلَّبُ عليَّ» (٢).

وليس معنى ذلك أن يعزف طالب العلم عن الطلب وينقطع عنه؛ بحجة أن نيته غير خالصة، فهذا مدخلٌ من مداخل الشيطان ليصرف العبد عن العلم الشرعي، بل الواجب على طالب العلم أن يمضي في طريق الطلب، ويتدرج في سلم العلم، ويجاهد نفسه في تصحيح النية في أول الطلب وأثناء الطلب، بل في جميع مراحل الطلب، وهذه المجاهدة تعين الطالب على الإخلاص وإرادة وجه الله - عز وجل -.

ومع دوام المجاهدة والاجتهاد في طلب الإخلاص يوفق العبد للنية الصالحة وحسن العمل؛ لأن العلم بطبيعته يربي على الإخلاص:

قال إسحاق بن راهويه - رحمه الله -: «سألتُ وكيعًا عن الرجل يطلب العلم، ومن نيته أن يذاكر به ويحدث به أو نحو ذلك، أتراه يأثم في ذلك؟ قال: لا


(١) المجموع شرح المهذب (١/ ٢٨)
(٢) أخرجه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١/ ٣١٧) رقم (٦٩٢).

<<  <   >  >>