حدَّثَ القاسمُ بنُ جريال، قالَ: لمَّا احتنكْتني يَدُ الانبعاثِ، واستهوتْني شَياطينُ الرعاثِ، وأنساني حُبُّ الأَثاثِ، لَذاذةَ الحِثاثِ، وأغراني طَلَبُ الإحراثِ، لإثارةِ الاحتراثِ، كَلفْتُ بمُقاناة الأقلام، ومُعاطاةِ الأعلام، ومُكاسرةِ الكُتّابِ، ومُعاقرةِ الزَبربَ المُرتابِ، فلم أزلْ أتًّشِحُ بوشاح المنافع، واطَّرحُ معرفة الخافض والرافع، حتى ضمَّني نِمْنمة هذي الرَّباوة، وَزمَّني زمزمةُ هذي الشَّقاوةِ، إلى مُراودةِ الرُّودِ، والتَّخلّقِ بأخلاقِ ذي الجَمل الشَّروب، فما نزلتُ عَنْ هذِه الزَّفوفِ، إلاَّ عند مناهزة سِنِّ الوقوفِ، وما خلعتُ خِلافةَ الخفوفِ، إلاَّ عند سَحق استبرق الشرهِ والشَّفوفِ، فحينَ فارقَ فَمَ الفكرة قبحُ هذا القُلاع، وانتشرَ نَشْرُ إنابِ الإنابةِ والإقلاع، وقلَّ عِبءُ ذلك الأَوْقِ، وجلَّ عنُق عَمْروِ عبارتي عن الطَّوقِ، ملتُ ميلَ النجوم، لذلك الجموم، واحتملتُ مكابدةَ العُلكوم، لاكتسابِ الأدب المركوم، إلى أنْ رفضتُ الجَهْلَ رفضَ السقيم بأسَهُ، والقَسيمَ التباسَهُ، فلمّا تذكّرتُ ما تذكّرتُ، وشكرْتُ على ما تدبَّرتُ، أقبلتَ مَعْ مقاطعةِ المُسْطار، ومصاحبةِ الأسطارِ، أطورُ بالأقطار واحداً بينَ وُحْدان المَحامد والقِطار، فبينما أنا أرتضعُ عُقارَ التَّناهُدِ، وأفترعُ عُذْرَ هذه الناهد، إذْ رمَتْني نَشْوةُ هذهِ الأَراءِ، بَعْدَ مُباعدةِ الِمراءِ، مَعْ جماعةٍ من الأدباء إلى المَوْصل الحدْباءِ، فوردْتُها وأنا من مُفارقةِ الصِّحاب، ومحاربةِ الانتحابِ، باكٍ غيرُ متباكٍ، وبطلبِ الزُّبَدِ كاس لا باحتساء كاس، مُنقَّباً عن أعلامهِ، مُنكِّباً عن مِيمَى اللَمِم ولامهِ، فحينَ حلت عن حَببي، وحُلْتُ في متن ما أنْسى سُرَى خَببي: البسيط:
طَفِقْتُ أطْرِفُ طَرْفي مِنْ طرائِفها ... وأَصطفي خالصَ الإخوانِ ذي النُّخَبِ
وأشكرُ الدَّهرَ والأيامَ إذْ وَخَدتْ ... بِيَ النَّجائبُ نَحْوَ السَّادةِ النُجُبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute