للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهرَ المُظاهرةِ بسوى سواه، فهو الذي أطلعَ سُهى التنبه لمَنْ سَها، وزها ثمرُ اتحاده وانتهى، ونهى عن مُجانبةِ النّهي وانتهَى: الكامل: هرَ المُظاهرةِ بسوى سواه، فهو الذي أطلعَ سُهى التنبه لمَنْ سَها، وزها ثمرُ اتحاده وانتهى، ونهى عن مُجانبةِ النّهي وانتهَى: الكامل:

وهو الذي ذرأ الخُطوبَ فأَحجمَتْ ... من بَعدْ إقدام عليَّ ونَهْنَها

وهوَ الذي أهدَى الهدوء لخاطري ... مِنْ بعدِ ما رقدَ الدُّنُوُّ ونبها

خِلّ بهِ قَمَرُ الأخوَّةِ ما بَدا ... من قُبْح خَسْفِ خيانةٍ مُتشوِّها

قال: ثم لم يزلْ مدةً حَلِّ بِطاني، يُطمعنِي في مُقاطعةِ أعطاني، ويصرُفني مذ حَلَلْتُ أشطاني، عن مراجعةِ أوطاني، فبينَما أنا أفكِرُ في نَشْدِ جنَاح ضَوء الضَّواحي، وأخُطِرُ في مَسارح الأقاحي مِراحي، إذْ سَحَبَ طَرف مطرفي في مَساحب طَرق طُرَفي طِفْل أسرعُ مِنَ الجرْبياء وألطف من الجارية الجرباء وقالَ لي: أرى قد ضعفَ سببُ انسيابك في إحْضارِ إنسابك، وانقطَعَ صَبُّ صَيْب إرزامكَ عن جوازل ألزامَك فما هذا الفتورُ، وقد تناقَصَ قَرارُ قلبكَ المبتورُ، وما هذا الانفساحُ، وقد تقاصَرتْ خُطَى صبركَ الفسِاح، قالَ القاسمُ بنُ جريال: فلما سَمعْت قَعْقَعةَ تلك الصّواقع، وامتقعتُ بيْرقانِ ذاكَ القولِ الفاقع حَسِسْتُها مَنْحَسةً انسجَمْتْ من مَعينِ أبي نصرِ اللعين، فقلتُ لَهُ: أراكَ هِجْتَ ما بي بجرِّ جِلْبابي، واتَّهمْتُ بالي، بما لم يُؤذِنْ به بَلالُ بَالي، فار حتى من سُكْر هذا المُدام، وأطلعني على طليعةِ إكام هذا الكلام، فقال: اعْلَمْ أنَّ خليلَكَ الخطيبَ، ومَنْ سكَبَ من صِفاتِكَ القَرْقَفَ القطيب، أرسلني أمس عندَ الأثاربِ، إلى بعض أربابِ المراتبِ، برُقعةٍ رقعت من حالكَ ما انخرَقَ، وبرقعَتْ برقَ إملاقِك بعدَ ما بَرَقَ، فنَشْرتُها لأنْظُرَ سطَورَها، وما الذي أَودعَ مَسْطورَها، فإذا فيها: الطويل:

يُقبّلُ كفا عودت بثلاثةٍ ... بجُود، وتَقْبيلٍ وحَتْفٍ للإثم

فلا زال خافيها ثِمالاً لمُدْقِع ... ولا أنفَكّ ضاحيها مَحّلاً للإثم

ويُنهي إلى نُبله الواضح الآثار، ونَبْلهِ الصالح الأثأر لا برحَ محفوفاً بالأبصار، مصحوباً بصوارم الأنصارِ عَريّاً عن العارِ، مليّاً من الغار أنَّ أخاهُ عازم على السِّفارِ، مجرِّد عضْبَ عَزْمهِ الماضي الشفار، لإحضارِ أشبالهِ الصغارِ. حذَراً أن تنوشَهُم صِعَادُ الصَّغَارِ، لنُنفِقَ بقيَة الأعمارِ، في مُناسمةِ الأغمارِ، فلا خيرَ في شَيم الغِرارِ، لشمِّ العَرارِ، وتركِ العَمار، لقَطْع الغِمار، ومعلوم أنّه باعَ عُروضَهُ على التِّجار، والبنّاءِ والنَّجار، والنّساج والقَصّارِ، والطِّوالِ والقصارِ، وأصحاب الشرار، إلى غايةِ هذا السِّرار، والمُستَمَدُّ من إحسانهِ الدَّرارِ، العاري عن الذِّرار، وكَفّهِ الواكفِ الأسرار، المطفئ أشعةَ الأشرارِ، أنْ يتَطّولَ مَعَ النصَّارِ، بمائةٍ من النُّضَارِ، إلى أيام اليَسار، وانسجام مَسيل يُسْره والبسار، لا زِلتَ قانص التيّار، قابض البتار، دائراً بصحَاف قدْركَ الأعشار، على ذَوى المذلَّة والإعسار، والسلام، قالَ القاسمُ بنُ جَريالِ: فَهرَولْت إلى الكِنِّ، لأعْرِفَ حقيقةَ الأمرِ المُسْتكنِّ، فألفيْتُ الخطيبَ قَدْ طارَ بأجنحةِ اغتيالهِ، وأوقعني في حِبالةِ احتيالهِ، وقد أرسلَ إلي أصيحاب المناصبِ، مِنْ حُسْن صِّيبهِ الواصب، عَشْراً مِنَ الرِقاع، على نمط هذه الأسجاع، وقد فرس مِن أموالها ما فرسَ، وَالتمسَ بها ما بَها التمسَ، والجَلاوزة تُخرِّقُ مسايلَ سُمِّ الحَنَق القاتِل، وتُحِّرقُ علىَّ حِدادَ النيوبِ القواتلِ، فجعلْتُ أتوارى بوهادِ القُردودِ، وأظهرُ ظهورَ الخُفْدُودِ إلى أن نَسيتُ زَهْوَ العيشةِ الزاهرةِ، وأنسيتُ مَهْو الشبيبةِ الباهرةِ، ورحلتُ عَنِ الساهرةِ، رَحيلَ الوَسَنِ عَنْ مُقْلَتِي الساهرةِ.

المقامةُ العِشرون العانيِّةُ

<<  <   >  >>