للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وودودٍ نَغَضَ، وسَموم خُبْثِ ألم نَفَخَ، وسَموم ضَبثِ

سدمٍ، نضخَ، وهو ضيفُ داركِ، ضيفنُ سَحِّ غَيْثِ

مدرارك، نظيفُ عودِ فنَنِ العهودِ، يُزْجى لكَ فَيْضَ ودادٍ

بَيَّنَ، وحلَلَ قَشيبِ ولاءً زَيَّنَ، والمسؤولُ في سؤددكَ، بت طِوَلَ

شغبٍ أوعدَ، فَفَضَّ وطُول نَغَبٍ أرعدَ، وسُلْوٍّ بخَبَبِ

مكروهٍ شَنَّفَ، ومُعادٍ بشنْفِ سَماع قَيْظِ صدُودِكَ تشنَّفَ، لأسرح

بخضِب إلمام فَتِيٍّ، وأمرَحَ في دَوْح تيقُّظِ صُلح جَنِي،

أمدَّكَ بِضُبَى وَصْلٍ نقيٍّ، وعَدْلٍ فَضِيِّ، وإحكام يَتَقَنَّنُ،

وأحكام تتفنَّنُ، وسعودٍ تضيءُ، ووعودٍ تَجيءُ، وحَوْلٍ ينيفُ،

وطولٍ يَزيفُ، وحِلْم يَبُذُّ، وحُكم يَجُذُّ، ومراس يُشيبُ،

ورَأسُ نشب كَرَم يَشُبُّ، وَلا يَشيبُ والسَّلام.

قال القاسمُ بنُ جريالٍ: فلمّا وقفتُ على مكاتبته، ورشفْتُ شَمول معاتبته، بكيتُ لكآبتِه ورثيْتُ لانصباب صبابتهِ، ثم ملْتُ إلى السَّلم، لعلمي أنّ الغَضبَ غولُ الحلِم وقلتُ: تالله لا أكونُ مِمَّنْ يلابسُ الأضغانَ، ولو ستر الظَّفَرُ وجهَ عَفْوهِ وغان، لأنَّ قلبَ الحليم ينقادُ، ولا تَحُلُّ بيتَ قلبه الأحقاد، ثم إنِّي نهضتُ معَ الوَصيفِ، بعدَ هَدْم أسِّ الصَّخَبِ والرَّصيفِ وجعلتُ أوجِفُ إيجافَ المشوقِ إلى لِقاءِ المعشوقِ، وأركضُ ركضَ الظليم، إلى لِيم إلمامه المُليم، فحين تحقّقَ انسرابي، وتيقَّنَ مقاطعةَ قرابي، بادَر مبادرَةَ الحريص، وسُرَ سرورَ يعقوبَ حين رُدّ بصرُه بالقميص، ثُمَّ قال لي: يا بنَ جريالِ لا يعيشُ في الخَلِّ، إلاّ دودُهُ، ومعَ الخِلِّ إلا وَدودُه، فاغتفر هذه النَّوبة، واعلم بأن التوبة تمحو الحَوْبةَ، ثم إنّه قَطَنَ في التَّلطُّف وأصعدَ، وأخذ بجمْع أرداني وأنشدَ: الطويل:

أجلُّ سنا ساميك أن يَنْقُضَ العَهدا ... وأنْ تُصحِبَ الأصحابَ مِنْ صَوبك الصَّدَّا

وأنْ تَحسِمَ الإحسانَ والحمدَ والحيا ... وأنْ تمنَحَ الأحبابَ مَعْ حِلمِكَ الحِقْدا

فليس رئيسُ الناس مَنْ سُل سلْمُهُ ... وليسَ سَنيُّ السرِّ منْ أنُسى الوُدا

وليسَ شريفُ الشأو منَ شفَّ شِفّهُ ... وليسَ نقيّ العِرْض مَن ضَيّعَ العَهْدَا

فإنْ أنتَ لم تغفِرْ وإنْ أنتَ لم تجُدْ ... كفاكَ بأنْ تُمسي حليفَ القِلى فَرْدا

قال: ولمّا رعيتُ ضَرَبَ قَريضهِ، وأوعيتُ دُرَرَ تَعْريضِه، ورأيتُ خَليّةَ خلابته، حدْتُ عن حرّةْ الحَرَد ولابته، ولَمْ أزلْ عندَهُ إلى أنْ توسَّدَ زَنْدَه، فانسللتُ إلى عريني، وقد افعوعَمَ منْ ثَمَرِ مُنافثته جريني، فصرمتُ جذوع الإقامةِ، وهدمْتُ ربوعَ المقامةِ، وقاطعتُ السّكنَ، وفارقت مَنْ سَكنَ، وودعت من عدن، وطِرْتُ بجناح الإقالة إلى عدن.

المقامة الثلاثون الآمديّة

حدَّث القاسمُ بنُ جريالٍ، قالَ: زمَّني زِمامُ الزمنِ الزَّنيم، يومَ نَوْم جَفْنِ الأشَرِ النَّويم، بعدَ إسعافِ العديم، وانعطافِ الخِدْن القديم، ومُناسمةِ الرسيم، ومُساعفةِ نسيم الوسيم، بألم مرضٍ ممدودِ المعارج، مسدودِ المناهج، فلمّا عزَّني رعيلُ ذلكَ الإعلالِ، وهزَّني ذميلُ ذيَّالكَ الإذلالِ، وبتُّ بينَ غُرئْبةٍ قاتمةِ الإضرار، وعُزْبَةٍ قائمةِ الإصرار، جعلتُ أخبُّ في بيداء داءَ الدَّنفِ، وأعُبُّ من ماءَ دأماءَ ذيَّاكَ الجَنَفِ، حتى عُدْتُ بعدَ لُبْس سِربالِ السُّعودِ، وامتطاءَ سناسن سَعْدِ السُّعود أنادم الأمراض وأصادم بجؤجؤ الجزع جآجيء العرض العراض الطويل:

وأجني بجسم قَلّبَ السقمُ قَلبَه ... ملابسَ بؤس سابغاتِ الغَلائل

تردّ عيونَ النّاظرينَ ضروبها ... إذا انبجستْ من غَور غَمْر الغوائل

<<  <   >  >>