قال: فحين باهى بشينيته، وضاهى أباه في سينيته، أخرج عضبه وهو من سيول الدما كاب، والذب عن خدور الدمى ناب، ثم أشار بيده إلى رأسه فجعل دمه يتساقط على رئاسه فتشققت لصابهما غلائل الشموع وتدفقت لمصابهما أفواه هموع الدموع، ولما فترت رنة الحي وانكدرت أنة ذلك الشي، قال لهما الأمير: اعلما أن حي جريحكم ومن هلك بدبور ريحكم، نقوى على كفاحه، وإن عظم وميض صفاحه، وأما بنو سعد فلا نصبر على نزالها، ومبارزة أسود عرزالها، ومع ذلك فشقتهم بعيدة، وشوكتهم شديدة، وإنما نمدكما بما يفيض حياض خالكما، ويبيض وجوه حالك، حالكما، ثم قال لوصيفه: اذهب ذهاب الغروب، وآتهما بما تخلف من النضار المضروب، فعاد بمائة مصرورة، في أسرع صيرورة، فركض الشيخ ركض المقاطعين، وقبض نطاقها قبض الضابط تسعة وتسعين، ثم إنه أخلى خباء لمنامهما، بعد إعداد طعامهما، وقال لي: كن الليلة سميرهما، ليذهب بغيض همهما، وينضب بعيض ماء غمهما فذهبت بهما إلى خبائه، وأكرمتهما إكرام أحبائه، وأقبلت على مسامرتهما، لأخبركنه مبادرتهما، والشيخ مشدود لثامه، مسدود انسجامه، لا يقلع عن صماته، ولا يقطع طلع مقاصاته لاستصحاب حصاته من حصاته، فأخذت أسبر الغلام، وأنشر الدمقس والثغام لأرقا بسلم الاستماع، وأربأ بمعرفة ذلك المصاع، فنهد أبوه كالأسد المشبل، وأزبد كالمدد المسبل فعلمت أنها نبيلة من سكره الكرار ورذيلة من غدره الغرار، ثم إنه قهقه قهقهة من تزعزع وقد ناره، وترعرع وفد ثاره، وقال: يا بني قم فاغسل الدم الثقوب، المشبة بدم قميص ابن يعقوب، فما يريده القدر محتوم، وليس عن القسم وعاء غرض مختوم، فأيقنت حينئذ أنه المصري سرحان غاب الاغتراب وأفعوان رغاب الارتعاب، ثم إني ملت بعد ابتسامه، إلى تقبيل بنامه وبت أقتني نفائس أنفاسه، وأجتني مغارس استيناسه، إلى أن انهزم الليل بجيش النهار المجر، وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ولما رسخت زواخر يمه، وسخرت بابن ذكاء محاسن بهجة أمه، أقبل إليه القوم مهرعين، ولوداعه مسرعين، فكنت له من المودعين، ولما أعقل به من المودعين.