عَمَرَ اللهُ معالم إرعادهِ، وعمر عساكر إسعادِهِ، وأهلَّهُ لصلاحِ مَعَادهِ، ومَدَّ دَوَّ وِدادِهِ وعَراهُ، وأسعدَ ساعداً أم أمَّهُ وعَراهُ، وأحْكَمَ وِعَاء عَلاءَ عِلْمهِ وعُرَاهُ، وكَساهُ دُروع عُلُوِّ عملهِ ولاَ أعراه، وألْهمَ هِمَمَ مملوكهِ، وحامدَ لألّ لؤلؤ ألوكهِ، حَمْدَ ما لو اَسطَاعَ هداء روحه ما أسَدَاهُ، وكمل لحم كرمه وسداه، لما أداه ما كلم الإكآم، واحلولك الركام وعمر الإسلام، ووصل السلام والسلام.
قال الراوي: فعجبتُ من مَلاحةِ وشائهما، وفصاحة إنشائهما، واشتباه نصاحهما، وانتباه إفصاحِهما، وقلتُ، عندَ انصبابِ ذاك الهباب، وانسكاب ذيالك الإلباب يُؤتى الحكمةَ مَنْ يشاء ومن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الألباب..
المقامة الرابعة والأربعون التجنيسية القَزْوينية
روَى القاسمُ بنُ جريالِ، قالَ: ما فتئتُ مُذْ حَرَصْتُ على النَّضَارة والنضَالِ، وخلصتُ مِنْ قِسيّ الجهالةِ والنِّصالِ، واَعتليْتُ قُنَّةَ الإقبالِ، واَحتذيتُ قبائلَ الأقتالِ، وقَلَلتُ قُلَلَ الجَنَفِ والاحتيالِ، وخلعتُ خاتِمَ خِنْصِرِ الخديعةِ والاختيالِ، أتوخَّى قليلاً لا يَحتذي لاحبَ خيانةٍ، ولا يحتذِي رَواحب جنايةٍ، ولا يَجْحَدُ لي إيالةً، ولا أحمِلَ من ثِقَل إبَّائه إبالةً، إلى أن ظَفِرْتُ بخلٍّ مُخْضَرِّ النعال، غير مُتَقَلْقِلٍ لمفارقةِ البِعالِ، ذي جَنان مِزْحَمٍ، ولسانٍ مِرْجَم، يسبحُ العائمُ في لُبَابهِ، ويركع إيوانُ كسرى لِبابهِ، لا يميلُ عنْ حِبابهِ، ولا يستنجعُ محارِمَ جَنابهِ، ولا يَفْري بغَابهِ، عِرْضَ منَ اتَّشحَ بعَابهِ: الطويل:
فكانَ على أزْم الخَنا وخِطابهِ ... أخا خَفَرٍ لا يَخْتَلي غيرَ طابهِ
وكانَ على رَشْفٍ الشرى ورُضابهِ ... أبا سَفرٍ لا يَجْتلي ضَيْمَ ظَابهِ