للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الراوي: فانهمرَ غينُ عينِ الحكم وعبَرَ، واعتبرَ بمَنْ عبرَ واستعبرَ، ورَثى كلٌّ لحالِهما، ولم يشعُرْ أحد بمُحالهما، ثم إنَّه جَثَا جُثوة النّصَّار، وحثالهما حفنة من النّضَار، فخرصَتْ ذيّالكَ المعينَ، فكانَ سبعةَ أتساع تسعةٍ وسبعين، ثم إنّه غاص في لجَّةِ الحِزَقِ وحاص، وحاصَ عن مهيع المعاهدةِ واعتصاصَ، فحثَّني الحِرصُ على تعنيفه، وضَمِّ رفيق مرافقه إلى عنيفه، فامتطيتُ عَوْداً عَجمْتُ عودَ إقدامه، واستعجمتُ عن جوابِ مستامهِ، وأقبلتُ أتلوهُ كاليعفورِ المعفَّر، إلى أنْ آن اجتلاءُ الجونة في المُعَصْفَرِ، فألفيتُهُ عند عواءِ الوحوش، بخانٍ خالٍ منَ الحروش، خاو على العروش، فنزلتُ بالقلب الهالع، نزولَ الهوالع، وبرداءةِ الطالع عن أضالع الظالع، ثم بادرْتُ إلى تأنيبه، وذمّه على مَيْنهِ وتأويبه، وقلتُ لهُ: تَاللهِ لا أنتجعُ هتونَ اتّهابكَ، ولا أجتمعُ بعدها بكَ، أو يصيد السوذقَ ساقُ حرّ، ويُفيدُ الاختلاعُ برقبةِ مَنْ تحتَ حُرٍّ، ويوافق المهذب الوسيط ويُغَذِّي المركبَ البسيطُ، وتشرَبُ الوكنات بالمُغارف فقال لي: يا بنَ جريالٍ كيفَ يحظَى بحاجته، مَنْ لَمْ يفِدْ بإجابتهِ، أم كيف يظفَرُ بتجابته، مَنْ لم يَصِدْ بنجابتهِ، فأنَّى تطمعُ أنْ تكون في المغارم، كالمحلِّل الغانم لا الغارم، فدعْني مِنْ هذا السَّفَاءِ، وسِفِّ فَم فعلكَ الفأفاءِ، فإنِّي مختصٌّ معَ الكاعب اللفَّاء، بشطْرِ هذا اللفاءِ، اختصاص جوابِ الجَحدِ بملازمةِ الفاءِ، ثم إنَّه لبّق قلبي واستمالَ، وحبَّقَ خُلقانَه والشمالَ، ولَبَقَ قلبَهُ والمقالَ، وحَبَق بي مستهزئاً وقالَ: البسيط:

احذر فديتكَ أنْ تُلفى أخا طَمَع ... يُلقيْكَ في طَبَع ناهيكَ من طبع

والبس مِنَ اليأس سِرْبا لا تُزانُ بهِ ... فالعِزُّ في اليأس والإذلالُ في الطَّمَع

قال: فانثنيتُ عارياً منْ وبيلِ مننهِ، كاسياً من سرابيلِ سُنَنهِ، بعدَ أنْ فَرَرْتُ من عوالي نَكْر نُكْرهِ إذ عوى لي، فرارَ الصَّلَع من الدوالي، لعلمي أنَّ سِلْمَهُ مِنْ أنفعَ الدوالي.

المقامةُ التاسعةُ والأربعونَ الجزيريّةُ

<<  <   >  >>