للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارفدوني برفْدِكُمْ ففؤادِي ... ذو جَريرٍ إلى الوِجار جَريرِ

وأجبروني بجُبّةٍ وبِجاد ... مَعْ جذاذ، مِنَ النَّضير نضيرِ

وانصروني بصُرَّةٍ وصِدار ... مَعْ وَصيفٍ مَعَ النَّصير نَصيرِ

قال: ثمَّ إنَّهم مكثُوا ليُحَلَّ لهم وكاء، أو يَنْهَلَّ عليهم وعاءٌ، فما ألبَّ بهمَ لُبابه، ولا انصبَّ منْ صَوْبهم صُبابةٌ، فلمّا رأى الشَّيْخُ أنْ قد أورقَ شَجَرُ إخفاقهم، وأورقَ صائد تملّق إملاقهم، وأنْ قد أوأبتْ راحُ كفوفِهم، وأبَت وأوكبت نار معروفِهَم وكَبَتْ، وأنَّ عيونَ إعطائهم مقطوعةُ الإهراق، ومَلّة مِلَل مَلَلهم حاميةُ الإحراقِ، ومذاهب ذَهَبِهم مسدورةُ الإشراقِ، وكرْمَ كَرَمَ مكارمهم مُسْقوقطُ الأوراقِ، انسلَّ سَراب قلقهِ الرَّقَراق، وسلّ سيوفَ السَّدَمِ لهَمْهَمَةِ هَمّهِ المُهراقِ، وقال: يا أعنّةَ العطايا، وأسنَّةَ الهدايا، وأخدانَ اللِبانِ وإخوانَ الخِوانِ، وحسادَ الآَكل وآسادَ المآكلِ، وعِبادَ الرياس، وعُبادَ الأكياس: هلا تنظرون بعين طالما اكتحَلت بأثْمِدِ الغوايةِ، وتَسْمعونَ باُذُنِ قلمّا امتلأتْ بماعونِ التلاوة، فترشحونَ لشيخٍ اشتغلَ بإفالهِ عن احتفالهِ، وبحَزق احتيالهِ عن مخادنةِ اختياله وعن كثرةِ عيالهِ، بتتابع أعوالهِ، فأصبحَ بعدَ اَمتطاءِ المُطَهّماتِ، واقتناءِ الصرَرِ المدَرهَماتِ، يصافح المصائبَ. ويكافحُ سَهْمَ السَّقَم الصائبَ، فحين عَمِرَ الفَناء، وصفرَ الإناءُ، وبَعُدَ الهَناء. ونفدَ الهناءُ، واربدَّ يِقَقُ الأملِ واشتدَ، وارتدَّ مؤمنُ بابِ السعادةِ واستد، ونبَا المصاحَبُ وكظَ، ورَبِا مجلِس الفَلس واكتظَّ، ومالَ بيتُ التجمُل وانقض، وحال حالُ التحيلِ وانفضَّ، تكدَّرَ الصافِي، وتغيّرَ الصديقُ المُصَافي، وتضيقَ الضافِي وتَخلًفَ الخليلُ المُضافِي، فليتنَا وافينا الوفاةَ، ولم يعْجُمْ نابُ صَفونا هَذِي الصَفاةِ. قالَ الراوي: ثم إنَّه أقلعَ إقلاعَ البَعاع، وانخرطَ بين الرعاع، وذَمَ الجمعَ الذي أمهُ واستصحبَ البويذقَ وأمَّهُ، ولم يحضرني ما أسمحُ لَهُ به، وأبيِّضَ وَجهَ جدار مَطلبهِ، وأحببت أنْ أتحقّقَ دَوحَ أيكته، وبأيِّ البُقع انصدَعتْ مُتُون تريكتهِ، فأخذتُ أقَفو إثْرهُ لأعرفَ عرينَهُ، وأصْرِفَ له ما يملأ يمينَهُ، فألفيتُهُ بعدَما أجبلَ، وافترع عاتقَ الحيل وأحبل، أبا نصر المصري ذا المناص وقانصَ الأسد القّناص، فقلتُ له: سّحقاً لكَ من باذلِ ماءِ وجنتيه، لاكتسابِ نَماء راحتيهِ، فهلا تستعينُ بحِرْفةِ تَصُونك عن السؤال. وتعيُنكَ على الخروج من مدارج السؤال، كي لا تستكف، وتنتقدَ المحافل وتستشف. فأترع أوعية قلقه. وأمجدَ وتأهب لأهب الهلع وأنشد: اّلمتقارب.

لسعْى السّباع على عاقلِ ... وقَنص العداةِ ونَقصُ العَدَدْ

ولَس القَتاد وحس الفؤادِ ... ولبس السَوادِ وجَلسُ المَدد

وحقدُ الرَداح وفَقدُ النجاح ... وقَد السَماح ووَقدُ الرمَدْ

وحسم الصلاة وطسم الفلاة ... ووهم الولاة وهم الكمد

وسلب الحبور وخب البحور ... وجب النحور وحب الحسد

وخَتلُ الخَدين وشَل المدِينِ ... وسل العدين وسل الجسد

ونَهْلُ الحميم وعَلُّ الحَميم ... وغَل الحَميم وفَل السبد

وسيرُ الهوىَ وضَيْرُ الهَوى ... وجَوْر الوَليِّ ومُورْ السند

وظعْنُ الرباب وطَعْنُ الرباب ... وضن الرباب ووَهنُ الخُلَد

وشَقُّ الجَنانِ وحَرْقُ الجنان ... وخَرْقُ الجَنان ومَحق الجَلَد

أقلُّ مصابَا، على عَائل ... يَروم القيامَ بجدَ قعد

قال: ثم إنَه أفلَي وأفليتُ: وقطعتُ رأس الفِتن وفَليتُ وفَلَيتُ من نُقودِ شعْرهِ ما فَلَيْتُ، بعدَ أن شَفت مُلَحُة الغُرامَ، وسَفَتْ ريح حَنَقهِ الدَاءَ الغرام، َ وناقشني مُناقشة مَن غَامَ، واحلولكَ يومُ ودهَ وغَام، وأوحشني ذَلكَ العامَ، مذ غرق قاربَ التقَربِ وعام.

المقامةُ الحاديةُ والأربعونَ الحنفيّةُ الكِيشيّةُ

<<  <   >  >>