فقالَ لهُ الوالي: ما شأنُكَ أيها الفَصيح، ومَنْ بشُكر إفصاحهِ الفصاحة تصيحُ، فقالَ لهُ: اعلم ثَبَّتَ اللهُ سنابكَ سنائك، وألبسَكَ ملابسَ وفائكَ، وضَوّعَ عبيرَ عَلائكَ، وقوَّمَ صَعَرَ خُدودِ عدوِ أعدائِكَ، أنَّني مَمّن إذا قصد صَدَقَ، وبَرقَ ربق، وسَلبَ لَسَب، وكَسَبَ سَكَبَ، أميلُ عن الإسراف، ولا أعلم ما مذاقةٌ الإشراف، وأسعَى لِمَنْ صَفْوَهُ اصطفَى، بَيْنَ مَروةِ المُروءةِ والصَفَا، فلماّ انكسرتْ الرؤوسُ، واسْتوَى الرئيسُ والمرؤوسُ، وكلَّ الحاذُّ، وتقطعت البُطون والأفخاذُ، وتشتتتِ الجَلَبةُ، وخانت الحَجَبةُ، وتَمزّقَ المِعناق، وتَتَعْتَعت الأعناقُ، وقل الاحتمالُ وتَشَذَّرتِ الشِّمالُ، أصبحتُ لإلحافي، وعَدَم التحافي، ألينُ، لنحافِي، واستوهبُ الأحذية مِنَ الحافي: الطويل.
فيا ليتني لم أحيَ في الناسِ بَعْدَما ... تَنَاءتْ جُموعُ الجَدّ عنِّي وولَّتِ
ويا ليتني لمّا امْتطَي قِتبُ صِبْيتي ... مَطيَّ الطّوَى وسِّدْت في الترْبِ تربَتي
فلا خيرَ في عيش أبيتُ موسَّداً بهِ ... جَمر جَانٍ إنْ توالت تَولتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute