للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فَلَمْ أزلْ بينَ تلكَ الصناديدِ، آمناً من صَرْفِ صروفِ الصناديدِ، متوسِّداً هودج القضيبِ، متقلداً بحمالةِ القضيب، نوجِف إيجافَ الآجالِ، ونقطِفُ جَنَى الجَزَع من غصون الآجال، ونزعج سواكنَ الأوابدِ، ولا نَلِجُ مساكنَ الأوابدِ، ونُخَبُّ في صَبَبِ الوصبِ ونكرعُ، ونصبّ مياهَ مُرِّ النَّصب ونكرَعُ، فبينا نحنُ نُقَلْقِلُ قُلَل الأقتابِ، ولا نَخْشى تقلقلَ مقانب الأقتابِ، ألفينا حّياً من الخزرَج والأوسِ، غَزِيْرَ الفصاحةِ والأوس، وبه فتى شريفُ السِّيَرِ والساقِ، نظيف إزارِ زورقيِّ القوم والسَّاق، يرفل مَع كثرة هبابه وعَقلهِ، بينَ بُرْدَي شبابه وعَقْلهِ، فانطلقَ بنا إلى فنائه وكَسره، وأعرض عن لُفاظاتِ زاده وكسره، ولمّا شكَرَ شُهدَ سَوادِ سَعينا والبياض، وقَرَنَ قَرَن أحد أحمريهِ بالمحاضرةِ والبياض، أسرعنا إليه إسراعَ الحَمام، وجَمَعنا بينَ أرشية الشَرَهِ وبطون الحَمام، وحينَ أفعوعَمتْ حقائبُ المَصير، وحُمِدَ غُبَّر ذياك المصيرِ، وتُحقِّقتِ المذاهبُ، واغلولقتِ المذاهبُ، سمِعْتُ صوتاً يكسدُ عندَهُ عرف عبير القُطامي، وتطيرُ إليه أقدامُ القادم بقوادم القُطامي، فأقبل القومُ لطيب ذلكَ الطِّلاء، مجبوذَينَ ببُرَةِ طول ذيالك الطِّلاءِ، تسرَحُ في حُلَلِ أحلام نائم، لم تدر ما حلاوةُ حلواءَ نائم، فكنت مِمَّنْ نحَا نحوَه، واستمعَ مَع عِظَم عظتهِ نحوَهُ، فسمعْتُهُ عندما جثَمَ الغائرُ والجالسُ، وازدحَمَ القائمُ والجالسُ، ووسقَ سُفُنَ مجلسهِ، وشَحَنَ وطَرد طِرْفَ ملاطفةِ طرَفِه وشَحنَ يقولُ: الحمدُ لله ناشر الخَلْقِ، وقاهر الخلْقِ، مُفْهِقِ أوشال الذِّمام ومورقِ أغصان دَوح الذِّمام، مُزَيِّن النحور بالعقودِ، ومحسِّن الوقورِ بحفظ العقودِ، ومخرج تَهْتانِ نَصْره، ومتوّج الإسلامَ بتاج إجلالِ نَصْرهِ، ذي العظمةِ والجدِّ، المنزهِ عن الوَلَدِ والوالدِ والجَدِّ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وحدَهُ لا شريكَ لهُ، شهادةَ مَنْ بحواءِ أمانهِ حَلَّ، وعقدَ منشورَ لواءِ إيمانهِ وما حَلَّ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثُ إلى الأمم الغابرةِ، المحثوثُ الإنذار بمصارع الرِّمَم الغابرةِ، فَنَشَرَ ذوائبَ الأعلام، ونسر حافرُ انتصاره صَياصَي الأعلام، ووعَد عليه أفضلُ السَّلام، بحلول دارة دار السَّلام، صلَّى اللهُ عليهِ صلاةً لا يعارِضُها فَنَاءٌ، ولا يفارقُها مدَى تفنُّن الأفنيةِ فناء، وعلى آله وصحبهِ ما كرُمَ قصَر عَسيب، وثبتَتْ قواعدُ عسيب، ونفعَ حمل قريب، وردعَ سلُّ سيفِ رقيب قريب: عبادَ الله إلام تُكرمونَ أولي المكانةِ والخَفْض وتُحرمونَ ذوي الديانة والخفض، وتغالونَ بطولِ مرحِكم والعَرْض، وتُلغونَ حديث ترحِكُم حالَ المناقشةِ والعَرْض، وحتَّامَ نراكُم قادرين وأنتم لإطعام القرِم غيرُ قادرينَ، وتمسون بالحرم محرمينَ، وأنتم بكسبِ السّحُت شرُّ محرمين، طالما تطاللتم لِحُبِّ الرِّباع، وتطاولتم لهتكِ كواعب الرِّباع، وقد آل بِكُم درُّ خَلِفَةِ المخالفة والمصباح، وانطفاء نبراس الرياسة والمصباح، إلى أن غفلتم عَنِ الحِسانِ، وعقلتُم أيانقَ الإحسانِ بأبوابِ الحسان، وسلكتُم مسلكَ مَنْ ألحمَ بالسفهِ وسَدَّى، وجعلَ بينَهُ وبينَ الورع خندقاً وسدّا، فهلا أفضتُم مِنَ العيوب، ما يفوقُ تدفُّقَ العيونِ، وسكبتُم من مسايلِ الجفون، ما تغرق به محاملُ الجُفونِ، فيا ويلَ مَنْ ملأ بالشَّحناءِ ربوعَ قلبه، وعَلِمَ أنَّهُ لم يبقَ مِنْ قَمَرِ قُربه غيرُ قليلِ قلبه، ثم أنشد مترنّحاً بحسن الهديل، باكياً بكاءَ الحمائم على الهديلِ، بعد أنْ هُدْنا وتُبْنا وقلنا لمِثْلكَ المدارسُ تُجْنَى وتُبْنَى: الخفيف:

كم حَجَلْنا حَوْلَ الحُطام ولُبْنا ... وسبَتْنا أعلامُ سَلْع ولُبْنا

واعتكفنا على اللهى وانتبهنا ... ثم ثُبْنَا بعدَ الأذى وانتبهنا

واستلبنا بِكَر المُنى وافترعْنا ... ثم جُزنا بابَ الخَنا وافترَعْنا

وارتحلْنا مَتْنَ الأسى وافتقرنا ... منذُ حُرنا إلى الثَّرى وافتقرنا

واحتملْنا سُمْرَ القنا واعتقلْنا ... حينَ دُسْنا بُسطَ الهَوى واعتقلنا

<<  <   >  >>