ثم إنَي رجوتُ نشورَ الطَّاع، وقبضتُ منشورَ الإقطاع بالانقطاع، وأخذتُ أزحلُ عن المحدوج، وأرحلُ واحداً عن الحُدوج، علىَّ أن أظفَر بعد هياج الخَبَبِ والخُبوبِ، والقيام على ساقِ السَفَه والظُنبوبِ بمَنْ زهِدَ في الحُطام، وعَبِدَ من عبادة ذلك الالتطام، وطلَّقَ الدنيا وأشاحَ، وأعرضَ عن عَرَضِها والتاجَ، لأجعلَهُ جَوْنا لِظُلَم المتشابهاتِ، وعَوْنا لقَدْع شهواتِ الشبهاتِ، وبُراقاً لميدانِ الغايةِ، ودرياقاً لأفعوان الغوايةِ، فبينما أنا أمور مورَ الذعالب، وأغورُ غورَ الثعالب، ألفيتُ سريّة تسوحُ بأسنتها، وتروح ريح ريح المرَح بأعنتها، قد صرموا مصارم الرياس، وحصرموا أوتارَ القياس، منكبين عن الغزارةِ، متلببين للإغارةِ، تحكي المجادِلَ في ركوبها، والجنادلَ في كروبها، والبوارقَ في ذهوبها، والزعازعَ في هبوبها، فحينَ شاهدتْ غُباري، وشارفت غواربَ إغباري، بادرتُ إلى كفِّ مرامي، وكسفِ اجترامي لاَجترامي، ولم يبقَ سوى اللزوم، والأخذِ في الحُزوم على الحيزوم، فجعلتُ أنبسطُ وانقبضُ، وأرتفعُ وأنخفضُ، إلى أن ركضَني رئيسهم الأليسُ وهمامُهم الأهيسُ بسَاقه، وجمعَ بين وجوهِ الهربِ وبُساقه فانتقدتُه باللحظِ الصفيِّ، انتقادَ الصيرفيِّ، فإذا هو الغيثُ الغضنفريّ، أبو نصر المصريّ، فخبا عند ذلك حريقي، واغدودق بريقي وريقي، ثم قلت له: بفم مَنْ بلطفه استدلَّ، ورَفَلَ في ذلاذل المذلَّةِ وذل أما يعِظُكَ واعِظُ الهرَم، ويزجُركَ مؤدِّبُ النَّدم، وتوهنك خلائقُ الاختلاق، ويحزنك فزع يوم التلاقِ، فإلامَ تقطَر الكَميَّ، وتكدِّرُ الزاخر والسُّمِيًّ، وتنسكبُ انسكابَ سكابٍ، وتكتسب اكتسابَ كسابِ، وتلسعُ بسَلْع كبرك والِحدثان، آمناً من محادثة الحَدَثانِ، حتّى كأنَّك عينُ العاصم، أو أميرُ القدرِ القاصم، فَأفٍّ لشيبٍ لا تشيبُ أطماعُهُ ولا تحولُ لطولِ طُوَلِ التطاولِ طباعُهُ، قالَ: فذرفَتْ شآبيبُ أجفانِه، ووكفَتْ غرابيبُ عرفانهِ، وانسجمَ بلَبانهِ ما رخص محْمَلُ جُرُبَّانهِ، مَضَّني بإقناعه، وحضَّني حسنُ حَطِّ قناعهِ، قلتُ له: إنَّهُ الهازمُ بجيش سَعْدهِ، واللازمُ بزمام عبدِه، فعسى اللهُ أن يأتيَ بالفتح أو أمر من عنده، فقال لّي: إنِّي لأظنُّها ومَنْ زيّنَ الغَرَبَ وشرف العَربَ، وحرَّمَ الحَربَ، عنيّةً تشفي الجَرَب، ثم إنَّهُ ذَمَّ ورْدَهُ والجناح، وأورد وَرْدهَ وِرْدَ الصَّدَر وناحَ، فلبستُ سرابيلَ الانسلات، وطعمتُ حلاوة صلاتِ الانصلاتِ، بصُبْرٍ أطولَ مِنْ ظِلِّ القناةِ، وصَبْر أقصرُ من إبهام القطاةِ، ولم أزلْ بعد ما جرَعَ قلبي الجَزع، وقطعَ جَرَع الوَجَلِ وجَزع، ما بين ذلك اللاب، ومقاتلةِ الانقلابِ، أمزّقُ بنائقَ الارتفاقِ، وأشقِّقُ شقاشِقَ الإشفاقِ، وأهجرُ إلف الراقدِ، وأسيرُ سيرَ الفراقدِ، وألثم بشناتر الأخمصين، مواقعَ براثن أبي الحُصين، إلى أن رشَقَتْ سحنتي سهامُ السمائم وبَرَقَتْ مقلتي لسحِّ تلك الغمائم، فحينَ قهرْتُ الضَّنى والظلامَ، وهجرتُ المَها والمنامَ وقيل: لو تُركَ القَطا لنامَ، عطفتُ إلى معاقل اليَمَنِ، وأتحفتُ الزمنَ بالثناء الحَسَنِ، لأمتِّعَ البَصَرَ بكشْفِ نصيفُها، وأخيِّمَ بزخاريفِ ريفها، لعلمي أنَّ المقامَ بريفِها لذيذُ المذاقةِ كتصحيفها، قالَ القاسمُ بنُ جريال: فوالذي فصَّل إحكام القرآن، وفَضَّلَ الإفرادَ على القران، أسقيت مقلتي حِثاثا، ولا ألقيت عني رثاثا، أو أقبلَ أبو نصر في ثياب بذلته، بعد طِرفه المطهَّم وبدلتهِ، يفوجُ لديهِ جَنَى عيادةِ العبادةِ، ويلوحُ عليهِ سناسهم سعادةِ السعادةِ فقلتُ لهُ: ما الذي ألهمكَ مع امتطاء القطوفِ، الموصوفِ بالتحافِ الصوفِ المخصوفِ، فقال لي: يا بنَ جريال دَعْ فنيقَ المنافقةِ، واردَعْ شياطينَ الموافقةِ، عسى أن تشقِّق بهذه الرِّقاق شقَقَ الشِّقاقِ، ونخرجَ من نافقاءِ النِّفاق، إلى قاصعاء الاتفاقِ، فقلتُ له: لا مُدَّت يدُ مَنْ عليك يبغي، ذلك ما كُنَّا نبغي، ولمّا انطلق بي إلى رَحْل قُتوته ومَحْل قنوته وقُوتهِ، أقبلتُ أفكرُ في ارتداعه، وإقلاعه عن ربَض الدنسَ وقلاعه، فقال لي: أنا أمنحك علمَ ما حرصتَ عليه، ونصصت جيد انجذابك إليه ثم قال: اعلم أنني بت ليلة فراقكَ على قلق من أباقك، لمقاطعة رفاقك. ومواصلة اندفاقكَ ثملاً من خمر عِظاتكَ، متململاً لخوض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute