اما بعد الْحَمد الله الَّذِي وفقنا لهدايته ووهب لنا التَّمَسُّك بِشَرِيعَتِهِ وَالصَّلَاة على نبيه مُحَمَّد الَّذِي اخْتَارَهُ لرسالته وفضله بنبوءته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالدُّعَاء لمن الدُّنْيَا مهناة بمصادفة سُلْطَانه والفضائل مستفيدة من تيامن احسانه والدهر مفتخر بِحُصُول عنانه فِي يَدَيْهِ ومثوله فِي جملَة العبيد لَدَيْهِ سيدنَا ومولانا الامام المستظهر بِاللَّه امير الْمُؤمنِينَ لَا زَالَ سُلْطَانه باذخ الْمَكَان راسخ الاركان وايامه رفيعة الْعِمَاد منيعة الْبِلَاد ليؤرخ من مناقبها مَالا تتَعَلَّق النُّجُوم باذياله وتقصر عين الزَّمَان عَن شِمَاله
فان علم التَّارِيخ رغب فِي الِاطِّلَاع عَلَيْهِ سادة الامم والقبائل واهل المحامد والفضائل الائمة من ولد الْعَبَّاس رضوَان الله عَلَيْهِم وهى الاسرة الطاهرة والدوحة الزاهرة هداة الاعلام وشموس الاسلام وَكَانُوا اكثر الْخلق رِوَايَة لمن تقدمهم واثار من كَانَ قبلهم فَمَا كَانَ فِي ذَلِك من استقامة فى الاحوال كَانَ بِالنعَم مذكرا وَمَا شاهدوا فِيهِ من الاختلال كَانَ منبها ومنذرا
وَقد روى ان رجلا سَالَ سعيد بن الْمسيب رَحْمَة الله عَلَيْهِ فَقَالَ رايت رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي مَنَامِي (٣ / ٤) فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا ان الله بعث نبيه - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - بشيرا وَنَذِيرا فَمن كَانَ على خير بشره وامره بِالزِّيَادَةِ وَمن كَانَ شَرّ حذره وامره بِالتَّوْبَةِ
والاطلاع فِي اخبار النَّاس مرْآة النَّاظر تصدق عَن المحاسن والمقابح ويهذب ذَوي البصائر والقرائح وَبهَا يذكر الله تَعَالَى من عباده مَا يرَاهُ اهلا لذكره ومستوجبا لكريم ثَوَابه واجره
هُنَا الْمَنْصُور رضى الله عَنهُ وَهُوَ باذل الائمة وكافل الامة قَالَ لاصحابه الْمُلُوك اربعة مُعَاوِيَة وَكَفاهُ زياده (١) وعبد الملك وَكَفاهُ حجاجا وَهِشَام وَكَفاهُ موَالِيه وانا وَلَا كَافِي لي واجماله لذَلِك استنهاض مِنْهُ لَهُم على معرفَة اخبارهم
وَهَذَا الْمهْدي رَحمَه الله عَلَيْهِ لما حج فِي سنة سِتِّينَ وَمِائَة جعل ينظر الى بِنَاء