الْفَصْل الْأَرْبَعُونَ
أخواني إعتبروا بالذين قطنوا وخزنوا كَيفَ ظعنوا وحزنوا وانظروا إِلَى آثَارهم تعلمُوا أَنهم قد غبنوا لاحت لَهُم لذات الدُّنْيَا فاغتروا وفتنوا فَمَا انقشعت سَحَاب المنى حَتَّى مَاتُوا ودفنوا
(جمعُوا فَمَا أكلُوا الَّذِي جمعُوا ... وبنوا مساكنهم فَمَا سكنوا)
(فكأنهم كَانُوا بهَا ظعنا ... لما استراحوا سَاعَة ظعنوا)
يَا من قد امتطى بجهله مطا المطامع لقد ملا الْوَعْظ فِي الصَّباح والمساء المسامع أَيْن الَّذين بلغُوا آمالهم فَمَا لَهُم فِي المنى مُنَازع
مَا زَالَ الْمَوْت يَدُور على بدور الدّور حَتَّى طوى الطوالع صَار الجندل فراشهم بعد أَن كَانَ الْحَرِير فِيمَا مضى الْمضَاجِع ولقوا وَالله البلا فِي تِلْكَ البلاقل قَالَ شَدَّاد بن أَوْس لَو أَن الْمَيِّت نشر فَأخْبر أهل الدُّنْيَا بألم الْمَوْت مَا انتفعوا بعيش وَلَا التذوا بنوم
وَقَالَ وهب ابْن مُنَبّه لَو ان ألم عرق من عروق الْمَيِّت قسم على أهل الأَرْض لوسعهم ألما
وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يجمع الْفُقَهَاء كل لَيْلَة فيتذاكرون الْمَوْت وَالْقِيَامَة ثمَّ يَبْكُونَ حَتَّى كَأَن بَين أَيْديهم جَنَازَة
وَقَالَ يحيى بن معَاذ لَو ضربت السَّمَاء وَالْأَرْض بالسياط الَّتِي ضرب بهَا ابْن آدم لانقادت خاشعة للْمَوْت والحساب وَالنَّار
يَا هَذَا الشيب أَذَان وَالْمَوْت إِقَامَة وَلست على طَهَارَة الْعُمر صلوة والشيب تَسْلِيم يَا من قد خيم حب الْهوى فِي صحراء قلبه أقلع الْأَطْنَاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute