الْفَصْل الثَّانِي وَالسِّتُّونَ
يَا من قد غلبته نَفسه وبطش بعقله حسه استدرك صبَابَة الْيَقَظَة وَصَحَّ فِي سمع قَلْبك بموعظة
(يَا نفس توبي فَإِن الْمَوْت قد حانا ... وأعصى الْهوى فالهوى مَا زَالَ فتانا)
(أما ترينا المنايا كَيفَ تلقطنا ... لقطا وتلحق أخرانا بأولادنا)
(فِي كل يَوْم لنا ميت نشيعه ... نرى بمصرعه آثَار مَوتَانا)
(يَا نفس مَا لي وللأموال أتركها ... خَلْفي وَأخرج من دنياي عُريَانا)
(أبعد خمسين قد قضيتها لعبا ... قد آن أَن تقصري قد آن قد آنا)
(مَا بالنا نتعامى عَن مصائرنا ... ننسى بغفلتنا من لَيْسَ ينسانا)
(نزداد حرصا وَهَذَا الدَّهْر يزجرنا ... كَانَ زاجرنا بالحرص أغرانا)
(أَيْن الْمُلُوك وَأَبْنَاء الْمُلُوك وَمن ... كَانَت تَخِر لَهُ الأذقان إذعانا)
(صاحت بهم حادثات الدَّهْر فانقلبوا ... مستبدلين من الأوطان أوطانا)
(خلوا مَدَائِن كَانَ الْعِزّ مفرشها ... واستفرشوا حفرا غبرا وقيعانا)
(يَا راكضا فِي ميادين الْهوى مرحا ... ورافلا فِي ثِيَاب الغي نشوانا)
(مضى الزَّمَان وَولى الْعُمر فِي لعب ... يَكْفِيك مَا قد مضى قد كَانَ مَا كَانَا)
أَيْن الزَّاد يَا مُسَافر أَيْن درع التَّقْوَى يَا سَافر لقد أنشب الْمَوْت فِيك الأظافر وَلَا تشكن إِنَّه ظافر هَذِه النبل فَأَيْنَ المغافر كَيفَ تصنع إِن غضب الغافر يَا مبارزا بالقبيح أمؤمن أَنْت أم كَافِر إِن قُمْت سدلت من ثِيَاب كبرك وَإِن أَقمت سدرت من شراب خمرك إصطفقت أَبْوَاب المواعظ وَمَا استفقت تقف فِي الصلوة بِغَيْر خضوع وتقرأ التخويف وَمَا ثمَّ خشوع يَا نَائِما عَن صَلَاحه كم هَذَا الهجوع