على أشرف الْوُجُوه دون أَن يُوقع فِي بَاطِل هَذَا لفظ يعم السودد وتفصيله أَن يُقَال بذل الندى وكف الْأَذَى وَهنا هِيَ الْعِفَّة بالفرج وَالْيَد وَاللِّسَان وَاحْتِمَال العظائم وَهنا هُوَ الْحلم وَغَيره من تحمل الغرامات وجبر الْكسر والإفضال عَن المسترفد والإنقاذ من المهلكات وَانْظُر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَنا سيد ولد آدم وَلَا فَخر) وَذكر حَدِيث شَفَاعَته وَذَلِكَ مِنْهُ اعتمال فِي رضى ولد آدم فَهُوَ سيدهم بذلك
وَقد يُوجد من الثِّقَات الْعلمَاء من لَا يبرز فِي هَذَا الْخِصَال وَقد يُوجد من يبرز فيسمى سيدا وَإِن قصر فِي كثير من الْوَاجِبَات أَعنِي وَاجِبَات النّدب والمكافحة فِي الْحق وَقلة المبالاة بالأئمة
وَقد قَالَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَا رَأَيْت أحدا أسود من مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قيل لَهُ وَأَبُو بكر وَعمر قَالَ هما خير مِنْهُ وَهُوَ أسود مِنْهُمَا فَهَذِهِ إِشَارَة إِلَى أَن مُعَاوِيَة برز فِي هَذِه الْخِصَال مَا لم يواقع محذورا وَأَن أَبَا بكر وَعمر كَانَا من الاستضلاع بالواجبات وتتبع ذَلِك من أَنفسهمَا وَإِقَامَة الْحَقَائِق على النَّاس بِحَيْثُ كَانَا خيرا من مُعَاوِيَة وَمَعَ تتبع الْحَقَائِق وَحمل النَّاس على الجادة وَقلة المبالاة برضاهم وَالْوَزْن بقسطاس الشَّرِيعَة تحريرا يتحزم كثير من هَذِه الْخِصَال الَّتِي هِيَ السودد ويشتغل الذِّهْن عَنْهَا والتقى وَالْعلم وَالْأَخْذ بالأشد أوكد وَأَعْلَى من السودد إِمَّا أَنه يحسن بالتقي الْعَالم أَن يَأْخُذ من السودد بِكُل مَا لَا يخل بِعِلْمِهِ وتقاه وَهَكَذَا كَانَ يحيى عَلَيْهِ السَّلَام