مِمَّا تقدم من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَهُ مُدَّة وَإِن لَهُم بَقِيَّة وَقَوله فِي تَرْجَمَة دحْيَة ثَبت وَثَبت ملكه من إِعْلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمغيبات وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لِأَن ملك النَّصَارَى قَائِم ثَابت فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا من زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهلم جرا إِلَى زمننا هَذَا نَحوا من سَبْعمِائة وَسبعين سنة كل ذَلِك ببركة إقرارهم لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من آمن مِنْهُم وَمن لم يُؤمن وَيبقى ملكهم إِلَى نزُول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ذكرهَا الْعلمَاء الثِّقَات فِي تواليفهم رَضِي الله عَنْهُم وَفِي قصَّة أهل نَجْرَان وَحَدِيث المباهلة مَا يدلك على أَنهم لَو لَاعِنُوا لمسخوا قردة وَخَنَازِير ولاضطرم عَلَيْهِم الْوَادي نَارا وَلما حَال الْحول على النَّصَارَى كلهم حَتَّى هَلَكُوا كَمَا أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَأْتِي فِي كتَابنَا هَذَا عِنْد ذكر كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل نَجْرَان فَتَأَمّله هُنَاكَ ترى عجبا انْتهى
وَذكر ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر والإسكندرية أَن هِرقل أَرَادَ التَّوَجُّه بجيوشه فِي الْبَحْر إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة ليمنعها من عَمْرو بن الْعَاصِ وَالصَّحَابَة فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إعظاما لَهَا وَأمر أَن لَا يتَخَلَّف عَنهُ أحد من الرّوم وَقَالَ مَا بَقَاء الرّوم بعد الْإسْكَنْدَريَّة فرصعه الله وَمَات فِي سنة تسع عشرَة وَقيل فِي سنة عشْرين