فَلَمَّا أَتَى الأسقف الْكتاب فقره قطع بِهِ وذعره ذعرا شَدِيدا فَبعث إِلَى رجل من أهل نَجْرَان يُقَال لَهُ شُرَحْبِيل بن ودَاعَة وَكَانَ من هَمدَان وَلم يكن أحد يدعى إِذا نزل معضلة قبله لَا الْأَيْهَم وَلَا السَّيِّد وَلَا العاقب فَدفع الأسقف كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ فقرأه فَقَالَ الأسقف يَا أَبَا مَرْيَم مَا رَأْيك فَقَالَ شُرَحْبِيل قد علمت مَا وعد الله إِبْرَاهِيم فِي ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل من النُّبُوَّة فَمَا يُؤمن أَن يكون هَذَا هُوَ ذَلِك الرجل لَيْسَ لي فِي النُّبُوَّة رَأْي لَو كَانَ من أَمر الدُّنْيَا أَشرت عَلَيْك فِيهِ برأيي وجهدت لَك فِيهِ فَقَالَ الأسقف تَنَح فاجلس فَتنحّى شُرَحْبِيل فَجَلَسَ نَاحيَة فَبعث الأسقف إِلَى رجل من أهل نَجْرَان يُقَال لَهُ عبد الله بن شُرَحْبِيل وَهُوَ من ذِي أصبح من حمير فَأَقْرَأهُ الْكتاب وَسَأَلَهُ عَن الرَّأْي فِيهِ فَقَالَ لَهُ مثل قَوْله شُرَحْبِيل فَقَالَ لَهُ الأسقف تَنَح فاجلس فَجَلَسَ نَاحيَة فَبعث الأسقف إِلَى رجل من أهل نَجْرَان يُقَال لَهُ جَبَّار ابْن قيص من بني الْحَارِث بن كَعْب فَأَقْرَأهُ الْكتاب وَسَأَلَهُ عَن الرَّأْي فِيهِ فَقَالَ لَهُ مثل قَول شُرَحْبِيل وَعبد الله فَأمره الأسقف فَتنحّى فَلَمَّا اجْتمع الرَّأْي مِنْهُم على تِلْكَ الْمقَالة جَمِيعًا أَمر الأسقف بالناقوس فَضرب وَرفعت المسوح فِي الصوامع وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ إِذا فزعوا بِالنَّهَارِ