قَالَ ذكر لي جمَاعَة من الْعلمَاء أَن سَبَب تأليف عبد الْغَنِيّ لمختصر السِّيرَة أَنه خرج وَمَعَهُ بعض أَصْحَابه إِلَى أَن قربا من دير فَقعدَ الْمُؤلف على جنب نهر وَقصد صَاحبه الدَّيْر فطرقه فَخرج إِلَيْهِ رَاهِب فَقَالَ مَا دينك فَقَالَ مُسلم فَقَالَ من تتبع فَقَالَ مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اذكر لي نسبه وحاله فَلم يكن عِنْده علم فَقَالَ مَا أقريك شَيْئا فَرجع صَاحب الْمُؤلف إِلَيْهِ وَقَالَ مَا قَالَ لَهُ الراهب فَقَالَ لَهُ الْمُؤلف شَيْئا من نسب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحواله فَرجع إِلَى الراهب وَأخْبرهُ فَقَالَ لَهُ الراهب هَذَا مَا هُوَ مِنْك هَذَا من ذَلِك الشَّيْخ الْجَالِس على النَّهر وَكَانَ الراهب رأى الشَّيْخ فأعجبه حَاله فجَاء إِلَيْهِ فَذكر لَهُ شَيْئا كثيرا من أَحْوَال سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعجزاته فَأسلم الراهب وَحسن إِسْلَامه فأملى الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ رَحمَه الله مُخْتَصر السِّيرَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة
فتأملت هَذِه الْوَاقِعَة وَمَا فِيهَا من الْفَوَائِد من هِدَايَة الراهب وَتَعْلِيم صَاحب الشَّيْخ وتأليفه لسيره وأحواله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالِانْتِفَاع بِهِ فِي حَيَاته وَبعد وَفَاته رَحمَه الله