{الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} . أما بعد فها هي الطبعة الثالثة من كتاب "مناهل العرفان في علوم القرآن" أقدمها لقرائي الأكرمين بعد أن أعدت النظر فيه رجاء أن أدرك الكمال أو أقارب فزدت وحذفت وقدمت وأخرت وصححت واستدركت ثم هيأ الله تباركت آلاؤه مطبعة عاونتني على حسن إخراجه فضبطته وشكلته ونظمته وصقلته. ولولا أزمة الورق الحادة للبس الكتاب حلة أبهى من هذه الحلة. ولكن إذا سلم لك الجوهر واللباب فلا عليك من القشر والإهاب.
على أن الذنب في ذلك هو ذنب هذه الحرب الضروس الطاحنة التي طغت وبغت وطمت وعمت حتى لم ينج من شرها شرق ولا غرب ولا ضيق ولا رحب بل قعدت للناس بكل صراط وأثرت في جميع المرافق حتى أدوات الطبع بالطبع.
لطف الله بالبلاد والعباد وأخرج الإسلام من هذه المحنة قوي السناد رفيع العماد عالي الكلمة مسموع الصوت حتى يفيء الجميع إلى بحبوحته ويتفيئوا وارف ظلاله وسلامه وأمنه وإيمانه وعدله ورحمته ويسره وسماحته وحتى يعلموا أن نهضة العلم جناية على الإنسانية جائحة إن لم تسايرها نهضة روحية صالحة توفق بين مطالب الروح والجسد,