اعترض على هذا المذهب وما قاربه من مذهب ابن قتيبة وابن الجزري وابن الطيب بجملة اعتراضات نقدمها إليك ثم نفندها بين يديك فيما يأتي:
الاعتراض الأول يقولون: إن هذا القول مع اختلاف قائليه في بيانه لم يذكر واحد منهم دليلا إلا أنه تتبع وجوه الاختلاف في القراءة فوجدها لا تخرج عن سبعة. وهذا لا ينهض دليلا لأي واحد منهم على أن المراد بالأحرف السبعة الأوجه التي تختلف فيها القراءة.
ونجيب أولا: بأن هذا المذهب الذي اخترناه لم نختلف ولم نتردد في بيانه. ثانيا: أنا أيدناه بعدة أدلة لا بدليل واحد. ثالثا: أنا لا نسلم كون تتبع وجوه الاختلاف في القراءة لا يصلح دليلا لبيان الأحرف السبعة بهذه الوجوه السبعة. كيف؟ والاستقراء التام دليل من جملة الأدلة التي يحترمها المنطق القديم والمنطق الحديث ما دام مستوفيا لشروطه الثلاثة التي أولها أن تكون القضية الاستقرائية متضمنة حكما حقيقيا وثانيها أن تكون كلية حقيقية أي موضوعها كليا حقيقيا صادقا على ما وجد من أفراده فيما مضى وما هو موجود في الحال وما يمكن أن يوجد في المستقبل. وثالثها أن يكون الوصول إلى القضية الاستقرائية بواسطة الملاحظة والتجربة.
ولا ريب أن الوجوه السبعة التي ذكرها أبو الفضل الرازي تحقق في استقرائها الشروط الثلاثة لأن الرازي لاحظ كل وجوه الاختلاف فوجدها لا تخرج عن هذه السبعة ثم أصدر بعد هذا الاستقراء التام حكما حقيقيا بأنه لا معنى لهذه الأحرف السبعة في الحديث الشريف سوى تلك الأوجه السبعة. وهو حكم يقوم على قضية كلية سالبة كما ترى.