لا تحسبن أن ما نوهنا به في هذا الحديث قد أحاط بما كتب من تفاسير القرآن ولا تحسبن أن ما كتب من جميع التفاسير قد أحاط بكل ما أودعه الله القرآن من أحكام وحكم ومعارف وأسرار بل إن ما ذكرناه هنا من التفسير قل من كثر ثم إن ما حوته تلك الموسوعات التفسيرية على كثرتها لم تأخذ من القرآن إلا كما يأخذ المخيط إذا أدخل البحر ويروقني ما قاله بعض الأعلام حين سئل ما خير تفسير للقرآن فأجاب الدهر يعني أن العلوم والمعارف والأفكار والحوادث والتجارب التي تجد في الزمن عوامل مهمة في شرح القرآن وكل حقبة من سلسلة هذه الأزمان الطويلة تكشف عن بعض مخبوءات أسراره التي لم تكن معروفة من قبل.
وإن كنت في شك فهاك دور الكتب ومكتبات العالم فإنها لا تزال على كثرة ما ضاع واندثر زاخرة بأمواج كالجبال من التفاسير مما لا يمكن أن يحيط به إلا العليم الخبير وإنه ليعييك استقصاء أسمائها فضلا عن استقراء مسمياتها وإنك لتجد فيها فنونا وألوانا وشؤونا مما فتح الله على العلماء في بيان كتابه منها تفاسير بالمأثور وتفاسير بالرأي ومنها تفاسير ظواهر العبارة وتفاسير غوامض الإشارة ومنها تفاسير يغلب عليها صنعة الكلام وأخرى يغلب عليها صنعة البلاغة وثالثة يغلب عليها النحو والإعراب ورابعة يغلب عليها تفاريع الأحكام وخامسة يغلب عليها علوم الكون إلى غير ذلك ومنها تفاسير كل القرآن وتفاسير جزء منه أو سورة أو آية.
ولقد اطلعت وأنا قصير الباع قليل الاطلاع على فهارس تفاسير خاصة بكل مما يأتي وقد يكون مع ذلك تنوع التأليف وتعدد المؤلفين في الشيء الواحد: