عرفنا أن المتشابهات تجمع ألوانا مختلفة ونزيدك هنا أن من بينها لونين كثر الكلام فيهما أولهما فواتح السور نحو آلم ق طس وما أشبهها وقد أفضنا القول فيها بالمبحث السابع من الجزء الأول من هذا الكتاب ثانيهما الآيات المشكلة الواردة في شأن الله تعالى وتسمى آيات الصفات أو متشابه الصفات ولابن اللبان فيها تصنيف مفرد سماه رد المتشابهات إلى الآيات المحكمات مثل قوله سبحانه:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وما أشبهه وإنما أفرد هذا النوع بالذكر وبالتأليف لأنه كثر فيه القيل والقال وكان فتنة ارتكس فيها كثير من القدامى والمحدثين.
الرأي الرشيد في متشابه الصفات
علماؤنا أجزل الله مثوبتهم قد اتفقوا على ثلاثة أمور تتعلق بهذه المتشابهات ثم اختلفوا فيما وراءها.
فأول ما اتفقوا عليه صرفها عن ظواهرها المستحيلة واعتقاد أن هذه الظواهر غير مرادة للشارع قطعا كيف وهذه الظواهر باطلة بالأدلة القاطعة وبما هو معروف عن الشارع نفسه في محكماته؟.
ثانيه أنه إذا توقف الدفاع عن الإسلام على التأويل لهذه المتشابهات وجب تأويلها بما يدفع شبهات المشتبهين ويدر طعن الطاعنين.
ثالثه أن المتشابه إن كان له تأويل واحد يفهم منه فهما قريبا وجب القول به إجماعا وذلك كقوله سبحانه:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} فإن الكينونة بالذات مع الخلق مستحيلة قطعا وليس لها بعد ذلك إلا تأويل واحد هو الكينونة معهم بالإحاطة علما وسمعا وبصرا وقدرة وإرادة.