بقي علينا أن نتساءل: إذا كان القرآن علما فكيف ساغ أن يصاغ له تعريف بل تعاريف على نحو ما سبق مع أن التعاريف لا تكون إلا للكليات والعلم جزئي مركب من الماهية ومشخصاتها. والمشخصات لا يمكن معرفتها إلا بالاطلاع عليها بالحواس كالإشارة مثلا أو بالتعبير عنها باسم علم؟
ولنا على ذلك أجوبة ثلاثة:
أولها: أنا نمنع أن التعاريف لا تكون إلا للكليات. لم لا يجوز أن تعرف الجزئيات بأمور كلية لا يتحقق مجموعها في الخارج إلا في هذا الشخص بخصوصه. وهذا الجواب قريب مما ذكره صاحب التلويح إذ قال: الحق أن الشخص يمكن أن يحد بما يفيد امتيازه عن جميع ما عداه بحسب الوجود لا بما يفيد تعينه وتشخصه بحيث لا يمكن اشتراكه بين كثيرين بحسب العقل. فإن ذلك إنما يحصل بالإشارة لا غير اهـ.
ثانيها: أنا نسلم أن التعاريف لا تكون إلا للكليات. لكن ما ذكروه ليس بتعريف حقيقي إنما هو ضابط مميز وليس بمعرف.
ثالثها: أن هذا تعريف على رأي الأصوليين الذين لا يشترطون في التعاريف أجناسا ولا فصولا. بل الحد عندهم هو الجامع المانع مطلقا. وعليه فيصح أن يحد الشخص عند الأصوليين دون المناطقة.